فَقَالَ: كنت أتولى الْقَضَاء، فِي الْبَلَد الْفُلَانِيّ، فَتقدم إِلَيّ رجلَانِ، فَادّعى أَحدهمَا على الآخر عشْرين دِينَارا.
فَقلت للْمُدَّعى عَلَيْهِ: مَا تَقول؟ فَقَالَ: لَهُ عَليّ ذَلِك، إِلَّا أَنِّي عبد لآل فلَان، مكَاتب، مَأْذُون لي فِي التَّصَرُّف، واتجرت، فخسرت، وَلَيْسَ معي مَا أعْطِيه، وَقد عاملني هَذَا الرجل سِنِين كَثِيرَة، وَربح عَليّ أَضْعَاف هَذِه الدَّنَانِير مرَارًا، فَإِن رأى القَاضِي أَن يسْأَله الرِّفْق بِي، فَإِنِّي عبد، وَضَعِيف، وَلَا حِيلَة لي.
فَسَأَلته أَن يرفق بِهِ، ويؤخره، فَامْتنعَ.
فَقلت: قد سَمِعت.
فَقَالَ: مَا لي حِيلَة.
فَقَالَ الرجل: احبسه لي.
فَعَاد العَبْد يسألني، فَسَأَلته أَن لَا يفعل، وَبكى العَبْد، فرققت لَهُ، وَسَأَلت خَصمه أَن لَا يحْبسهُ، وَأَن ينظره.
فَقَالَ: لَا أفعل.
فَقَالَ العَبْد: إِن حَبَسَنِي أهلكني، وَوَاللَّه مَا أرجع إِلَى شَيْء، وَإنَّهُ ليضايقني، ويلج فِي أَمْرِي، وَقد انْتفع مني بأضعاف هَذِه الدَّنَانِير، وَورث مُنْذُ أَيَّام من أخي أُلُوف دَنَانِير، فأشير عَليّ بمنازعته إِلَى القَاضِي فِي الْمِيرَاث، فَلم أفعل.
قَالَ: فحين قَالَ ذَلِك، توجه لي وَجه طمع فِي خلاصه من لجاج ذَلِك الْغَرِيم، وَقد كَانَ غاظني بلجاجه ومحكه.
فَقلت: كَيفَ ورث أَخَاك، وَأَرَدْت منازعته؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute