للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى جَانبهَا، وَهُوَ يراعيها بالعلف وَالْمَاء بِنَفسِهِ.

وَكَانَ لَهُ رزق سلطاني يسير، يتَأَخَّر عَنهُ أبدا، فَلَا يقبضهُ إِلَّا فِي الْأَحَايِين.

وَكَانَ شَدِيد الاختلال، ظَاهر الْفقر، وَكَانَ لَهُ عدَّة بَنَات لَا ذكر فِيهِنَّ.

وَكَانَ يجتاز بِهِ أَبُو الْقَاسِم يحيى بن زَكَرِيَّا بن شيرزاد، أَو أحد ابنيه، أَبُو الْحسن، وَأَبُو جَعْفَر، فَيقوم قَائِما، وَيظْهر التَّعَبُّد لَهما، وَلَا يزَال وَاقِفًا إِلَى أَن يبعدا عَنهُ.

وَكنت رُبمَا جَلَست إِلَيْهِ، فيأنس بِي ويحدثني، ويشكو بثه، وَمَا يقاسيه من كَثْرَة العائلة، وضيق الْحَال.

وَيَقُول: لَيْت كَانَ لي، فِيمَا رزقته من الْوَلَد، ذكر وَاحِد، فَكنت أتعزى بِهِ قَلِيلا، ويخف بالرجاء لَهُ، وَالسُّرُور بِهِ، بعض كربي وهمي بهؤلاء الْبَنَات.

قَالَ أَبُو الطّيب: وَضرب الدَّهْر من ضربه، وتقلب من تقلبه، وَطَالَ الْعَهْد بِابْن طغج، وَخرج فِي جملَة تَجْرِيد جرد إِلَى الشَّام، وأنسيناه، وترجمت بِهِ الظنون، وترامت بِهِ الْأَحْوَال، حَتَّى بلغ أَن يُقَلّد مصر وأعمالها، وَكَانَ من علو شَأْنه، وارتفاع ملكه، وَحُصُول الْأَمر لَهُ، ولولده من بعده، مَا كَانَ، مِمَّا هُوَ مَشْهُور.

وَكَانَ قد طَرَأَ إِلَى تِلْكَ النَّاحِيَة أحد التُّجَّار الواسعي الْأَحْوَال، من جوارنا، مِمَّن كَانَ يعرف ابْن طغج على تِلْكَ الْأَحْوَال الأول، فَلَمَّا كَانَ بعد سِنِين،

<<  <  ج: ص:  >  >>