وَأمر لَهُ بألفي دِرْهَم، وكساه حلتين، وَحمله على راحلتين.
قَالَ عبد الرَّحْمَن: فسرت، وَمَا فِي الأَرْض خطْوَة، أَشد عَليّ، من خطْوَة تدنيني إِلَى مُعَاوِيَة.
فَقدمت بَابه، فاستأذنت، فَأذن لي، فَدخلت، فَسَأَلَنِي عَن سَفَرِي، وَمن خلفت من أهل الْمصر، وَعَن خبر الْعَامَّة والخاصة.
ثمَّ قَالَ لي: انْطلق فضع ثِيَاب سفرك , والبس الثِّيَاب الَّتِي لحضرك، وعد.
فَانْصَرَفت إِلَى منزلي، ثمَّ رجعت إِلَيْهِ، فَذكر حجرا، ثمَّ قَالَ: أما وَالله، لقد تلجلج فِي صَدْرِي مِنْهُ شَيْء، ووددت أَنِّي لم أكن قتلته.
قلت: وَأَنا، وَالله، يَا مُعَاوِيَة، وددت أَنَّك لم تقتله، فَبكى.
فَقلت: وَالله، لَوَدِدْت أَنَّك حَبسته.
فَقَالَ لي: وددت أَنِّي كنت فرقتهم فِي كور الشَّام، فتكفينيهم الطواعين.
قلت: وددت ذَلِك.
فَقَالَ لي: كم أَعْطَاك زِيَاد؟ قلت: أَلفَيْنِ، وكساني حلتين، وحملني على راحلتين.
قَالَ: فلك مثل مَا أَعْطَاك، اخْرُج إِلَى بلدك.
فَخرجت وَمَا فِي الأَرْض شَيْء عَليّ من أَمر يدنيني من زِيَاد؛ مَخَافَة مِنْهُ.
فَقلت: آتِي الْيمن، ثمَّ فَكرت، فَقلت: لَا أخْفى بهَا.
فأجمعت على أَن أُتِي لعض عَجَائِز الْحَيّ، فأتوارى عِنْدهَا، إِلَى أَن يَأْتِي الله بالفرج من عِنْده.
قَالَ: وقدمت الْكُوفَة، فَأمر بجهينة الظَّاهِرَة، حِين طلع الْفجْر، ومؤذنهم يُؤذن.