للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقلت لغلام كَانَ وَاقِفًا بَين يَدي: بَادر، فَانْظُر مَا هَذَا.

فَإلَى أَن يفتح الْبَاب، كسر، وامتلأت الدَّار بالغلمان الأتراك وَغَيرهم، وَإِذا بأشناس، وَهُوَ حَاجِب المعتصم، وَمُحَمّد بن عبد الْملك الزيات، وَهُوَ الْوَزير، قد دخلا.

فطرحت لَهُم زلية، فَجَلَسَا عَلَيْهَا، وَإِذا مَعَهُمَا حفارون.

قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك؛ بادرت فَقبلت أَيْدِيهِمَا، فسألاني عَن خبري، فخبرتهما إِيَّاه، وأنني قد خرجت فِي جملَة أهل الْعَسْكَر؛ طلبا للتَّصَرُّف، وَذكرت حَالي وَمَا قد آلت إِلَيْهِ، فوعداني جميلا، والحفارون يحفرون فِي وسط الدَّار، حَتَّى ترتجل النَّهَار، وَأَنا وَاقِف بَين أَيْدِيهِمَا، وَرُبمَا حدثتهما.

فَالْتَفت أشناس إِلَى مُحَمَّد بن عبد الْملك، فَقَالَ: أَنا، وَالله، جَائِع.

فَقَالَ لَهُ مُحَمَّد: وَأَنا، وَالله، كَذَلِك.

فَقلت عِنْد ذَلِك: يَا سَيِّدي، عِنْد خادمكما شَيْء قد اتخذ لَهُ، فَإِن أذنتما فِي إِحْضَاره أحضرهُ.

فَقَالَا: هَات.

فَقدمت الجدي، وَمَا كَانَ ابتيع لنا، فأكلا، واستوفيا، وغسلا أَيْدِيهِمَا.

ثمَّ قَالَ لي أشناس: عنْدك من ذَلِك الْفَنّ؟ قلت: نعم، فسقيتهما ثَلَاثَة أقداح.

<<  <  ج: ص:  >  >>