وَأَشْفَقْتُ أَنْ يَفُوتَنِي الْخُرَاسَانِيُّ.
فَصِحْتُ بِهِ: ارْجِعْ، ارْجِعْ، وَأَخْرَجْتُ الْهِمْيَانَ، فَدَفَعْتُهُ إِلَيْهِ، فَأَخَذَهُ وَمَضَى، وَجَلَسْتُ، لَيْسَ لِي قُوَّةٌ عَلَى الْمَشْيِ إِلَى بَيْتِي.
فَمَا غَابَ عَنِّي إِلا قَلِيلا، حَتَّى عَادَ، فَقَالَ لِي: مِنْ أَيِّ الْبِلادِ أَنْتَ، وَمِنْ أَيِّ النَّاسِ؟ قَالَ: فَاغْتَظْتُ مِنْهُ غَيْظًا شَدِيدًا، وَقُلْتُ: مَا عَلَيْكَ، هَلْ بَقِيَ لَكَ عِنْدِي شَيْءٌ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنِّي أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ، مِنْ أَيِّ النَّاسِ وَالْبِلادِ أَنْتَ؟ فَعَرِّفْنِي، وَلا تَضْجَرْ.
فَقُلْتُ: رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ، مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ.
فَقَالَ: مِنْ أَيِّهِمْ أَنْتَ، وَاخْتَصِرْ؟ فَقُلْتُ: رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.
فَقَالَ: مَا حَالُكَ وَمَالُكَ؟ قُلْتُ: لَا أَمْلِكُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا كُلِّهَا إِلا مَا تَرَاهُ، وَقَصَصْتُ عَلَيْهِ حَالَ مِحْنَتِي وَمَا كُنْتُ طَمِعْتُ فِيهِ أَنْ يُعْطِينِيهِ مِنَ الْهِمْيَانِ، وَمَا قَدِ انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ مِنَ الضَّعْفِ مِنَ الْجُوعِ.
فَقَالَ: أُرِيدُ مَنْ يُعَرِّفُنِي صِحَّةَ نَسَبِكَ وَحَالِكَ، حَتَّى أَقُومَ بِجَمِيعِ أَمْرِكَ كُلِّهِ.
فَقُلْتُ: مَا أَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ لِلضَّعْفِ، وَلَكِنْ ائْتِ الطُّوَّافَ، وَصِحْ بِالْكُوفِيِّينَ، وَقُلْ: رَجُلٌ مِنْ بَلَدِكُمْ، عَلَوِيٌّ، بِبَابِ إِبْرَاهِيمَ، يُرِيدُ أَنْ يَجِيئَهُ مِنْكُمْ مَنْ يَنْشَطُ لِحَالٍ هُوَ فِيهَا، فَمَنْ جَاءَ مَعَكَ فَهَاتِهِ.
فَغَابَ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ جَاءَ وَمَعَهُ مِنَ الْكُوفِيِّينَ جَمَاعَةٌ اتَّفَقَ أَنَّهُمْ كُلُّهُمْ كَانُوا يَعْرِفُونَ بَاطِنَ حَالِي.
فَقَالُوا: مَا تُرِيدُ أَيُّهَا الشَّرِيفُ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute