فَقلت لصديقي: إِنَّه لم تبْق معي نَفَقَة، وَلَا فيّ فضل لِلْخُرُوجِ إِلَى مصر، فَأَعْطَانِي من نَفَقَته.
وَقد كَانَ صديقي تقلد من قبل الْعَامِل عملا جَلِيلًا، وَخرج إِلَيْهِ، وأقمت أَنا بنصيبين، وَأقَام الْعَامِل بهَا؛ ليصلح أمره وَيخرج إِلَى مصر، وعملت أَنا على أَن أتحمل بِمَا أعطانيه صديقي، وأرجع إِلَى بَغْدَاد.
فغلب عَليّ ضيق الصَّدْر والهم، واستدعيت المزين ليصلح شعري، فَهُوَ بَين يَدي، إِذْ دخل عَليّ غُلَام الْعَامِل، فَقَالَ: صَاحِبي يطلبك، وَقد قلبنا عَلَيْك الدُّنْيَا مُنْذُ أمس، فَلم نَعْرِف مَنْزِلك إِلَى السَّاعَة.
ففرغت من شغلي مَعَ المزين، وتوضأت، وَركبت، وَكَانَ يَوْم الْجُمُعَة، فَلَمَّا صرت فِي دَار الْعَامِل؛ لَقِيَنِي غُلَامه، وَكَانَ حَاجِبه، فَقَالَ: نَحن فِي طَلَبك مُنْذُ أمس فَلم تُوجد، وَقد قَامَ الْآن عَن مَجْلِسه، وَأخذ فِي التشاغل بِأَمْر الصَّلَاة، وَلَكِن بكر فِي غَد.
قَالَ: فضعف فِي نَفسِي، وَقلت: إِنَّه مَا أرادني لخير، وعملت على أَن أنحدر تِلْكَ العشية إِلَى بَغْدَاد.
فَلم يدعني غلامي، وَقَالَ: أقل مَا فِي الْأَمر، أَن يكون الرجل قد تذمم من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute