للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمَّ قَالَ لي: أشاعر أَنْت، أم راوية للشعر؟ قلت: راوية.

قلت: لمن؟ قلت: لكل ذِي جد وهزل، بعد أَن يكون محسنا.

فَقَالَ: أنصف القارة من راماها.

ثمَّ قَالَ: مَا معنى هَذِه الْكَلِمَة؟ قلت: لَهَا وَجْهَان، زعمت التبابعة، أَنه كَانَ لَهَا رُمَاة لَا تقع سهامها فِي غير الحدق، فَكَانَت تكون فِي الموكب الَّذِي يكون فِيهِ الْملك، فَخرج فَارس معلم بعذبات سمور فِي قلنسوته، فَنَادَى: أَيْن رُمَاة الحدق؟ فَقَالَت الْعَرَب: أنصف القارة من راماها.

وَالْوَجْه الآخر: الْموضع الْمُرْتَفع من الأَرْض، والجبل الشاهق، فَمن ضاهاه بفعاله فقد راماه، وَمَا أَحسب هَذَا هُوَ الْمَعْنى؛ لِأَن المراماة كالمعاطاة، وكما أَن المعاطاة للنديم، هِيَ أَن يَأْخُذ كأسا، وَيُعْطِي كأسا، كَذَلِك المراماة؛ أَن يرميها وترميه.

فَقَالَ: أصبت، فَهَل رويت للعجاج بن رؤبة شَيْئا؟ قلت: الْأَكْثَر.

قَالَ: أَنْشدني قَوْله: أرقني طارقُ همٍّ طرقا فمضيت فِيهَا مُضِيّ الْجواد، تهدر أشداقي، فَلَمَّا بلغت مدحه لبني أُميَّة؛ ثنيت عنان اللِّسَان؛ لامتداحه الْمَنْصُور.

<<  <  ج: ص:  >  >>