للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليها كيف كان، أو لا بد من اللفظ المشروع، والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلَّا الله) (١))، وحديث خالد؛ حيث قتل من قال صبأنا؛ أي أسلمنا، ولم يحسنوا غير هذا، فقال عليه الصلاة والسلام: (اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد) (٢))، ثم وَدَاهم عليه الصلاة والسلام، وعذر خالدا في اجتهاده. انتهى.

وصح قبلها وقد أجمع على الإسلام يعني أن من كان كافرا يصح غسله إذا أجمع على الإسلام؛ أي صمم وعزم عليه بأن تكون نيته النطق بالشهادتين، بأن آمن بقلبه، ولم يتلفظ بالشهادتين، ولكنه صمم على النطق بهما. فقوله: "وصح قبلها"، أي الشهادة بمعنى الشهادتين؛ لأنَّها صارت علما عليهما كما في {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى}، أي الشهادتين. قاله الشيخ عبد الباقي. وقوله: "وقد أجمع" جملة حالية؛ أي والحال أنه قد أجمع، وأجمع على كذا عزم عليه. وإنما صح الغسل قبل النطق بالشهادتين؛ لأن إسلامه بقلبه إسلام حقيقي، ولو مات قبل نطقه، مات مؤمنا. قاله ابن رشد. ابن العربي: الصحيح لا يكون مسلما حتى ينطق، ولا يصح غسلة قبل نطقه. ولعل قول ابن رشد في العازم، وابن العربي في غيره، أو فيه، وهو أبى لاستحياء ونحوه كأبي طالب، وعبر بصح لإفادة عدمها في المخرج؛ ولأن غسله قبلها خلاف الأولى، وقوله: "وصح الغسل" الخ، أي سواء نوى الجنابة أو مطلق الطهارة أو الإسلام؛ لأنه نوى أن يكون على طهر من كلّ ما كان فيه؛ وهو يستلزم رفع المانع، واعتقاد الإسلام يصحح القربة. وكذا يقال في الحائض والنفساء الكافرتين إذا عزمتا على الإسلام، ومثل الغسل الوضوء والتيمم. قاله الشيخ عبد الباقي. وقوله: سواء نوى الجنابة أو مطلق الطهارة أو الإسلام أي وأما إذا نوى التنظيف أو إزالة الأوساخ فإنه لا يجزئه عن غسل الجنابة، قاله اللخمي. وتنظير الحطاب فيه بقول ابن رشد: إذا اغتسل نوى الجنابة فإن لم ينو الجنابة، ونوى به الإسلام، أجزأه؛ لأنه أراد به الطهر من كلّ ما كان فيه. انتهى. فيه نظر، فإن بين مسألتيهما ما بين الضب والنون. قاله الشيخ محمد بن الحسن. وما شرحت به قول المصنف: وقد أجمع على الإسلام، من أنه آمن بقلبه بالفعل، هو


(١) البخاري، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ٣٩٢. مسلم، كتاب الإيمان، رقم الحديث: ٢١.
(٢) البخاري، الحديث: ٤٣٣٩. وفيه صنع خالد.