للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مقتضى ما للشيخ الحطاب والشيخ عبد الباقي، وهو خلاف ما للشيخ إبراهيم من شموله لمن لم يؤمن بقلبه. لكنه عزم عليه، فإنه قال عند قوله: "وقد أجمع على الإسلام": وأولى إذا آمن بقلبه. انتهى. والظاهر الحمل الأول، وأن هذا الأخير لا يصح؛ لأنه لا اعتداد بفرع من فروع الإسلام مع عدم الإيمان بالقلب. والله سبحانه أعلم. لا الإسلام يعني أنه إذا عزم وصمم على النطق بالشهادتين، ومات قبل أن ينطق بهما، فإنه لا يصح إسلامه، بمعنى أنه لا تجري عليه أحكام الإسلام، فلا يغسل، ولا يصلى عليه، ولا يرث مسلما، ولا يرثه مسلم، ولا يدفن في قبور المسلمين. وأما إسلامه فيما بينه وبين الله فصحيح، وبحسب الظاهر ليس بصحيح، فلا تجري عليه أحكام الإسلام، ولهذا قال: "لا الإسلام" ولم يقل: لا الإيمان إلا لعجز يعني أن محل كونة لا تجري عليه أحكام الإسلام، إنما هو حيث لم يكن عدم نطقه بالشهادتين لعجز. فأما إن كان لعجز كخوف مثلا. فإنه يصح إسلامه، ويصدق عند المفتي وغيره إن ادعاه بعد زوال خوفه مثلا، وعند القاضي إن قامت بذلك قرائن، وفائدة تصديقه الآن فيما مضى، الإرث. فيرث من مسلم موروث له مات حال عدم نطقه لعجز. وكونه يصح إيمانه فيما بينه وبين الله: هو لابن رشد واللخمي والمازري والمحققين والجمهور. وذكر القاضي عياض فيمن صدق بقلبه ثم اخترمته المنية قبل اتساع وقت الشهادة بلسانه، قولين قال: والصحيح أنه مؤمن مستوجب للجنة. وذكر فيمن صدق بقلبه وطالت مهلته: وعلم ما يلزمه من النطق بالشهادة ولم ينطق بها ولا مرة في عمره، قولين أيضًا، والصحيح أنه ليس بمؤمن. انتهى مختصرا. وإذا جمعت المسألتين حصل فيهما ثلاثة أقوال: الإجزاء فيهما: وعدمه فيهما: وثالثها الصحيح الإجزاء في الأولى دون الثانية، ونحوه في القباب والتونسي. قاله الإمام الحطاب. وقال الشيخ محمد بن الحسن: حمل المصنف على أن معنى قوله: "لا الإسلام" لا تجري عليه أحكام الإسلام، مبني على أن النطق شرط في إجراء الأحكام الظاهرة فقط متعين؛ وهو المنسوب للجمهور، وبذلك الحمل ينتفي الإشكال عن المصنف. وقيل: شرط في صحة الإيمان وقال عياض: إنه المذهب. وأشار في المراصد إلى الخلاف في ذلك والتفصيل فقال: