للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهم يخالفون أهل السنة أنهم جعلوا جميع الأعمال شرطًا لصحة الإيمان، فالإيمان كلٌّ لا يتجزأ، فإذا ذهب بعضه ذهب كلُّه، فمن أخل بالأعمال عندهم ذهب إيمانه، وهو عند الخوارج كافر في الدنيا، مخلدٌ في النار في الآخرة، وعند المعتزلة في الدنيا في منزلة بين المنزلتين، ووافقوا الخوارج في خلوده في النار في الآخرة، وفي نفي اسم الإيمان عنه في الدنيا، وخالفوهم في إطلاق لفظ الكفر عليه في الدنيا، وفي استحلال دمه وماله.

الرابع: هو المعرفة بالقلب فقط. وهذا قول الجهمية (١)، ويلزم من قولهم هذا إدخال إبليس وفرعون في الإيمان.

الخامس: الإيمان هو الإقرار باللسان دون القلب. وهذا قول الكرَّامية (٢). ويلزم من هذا القول إدخال المنافقين في الإيمان.

قال القرطبي في بيان فساد هذا القول: "الإيمان من أعمال الباطن، والإسلام من أعمال الجوارح الظاهرة، وفيه ردٌّ على غلاة المرجئة والكرامية، حيث حكموا بصحة الإيمان لمن نطق بالشهادتين، وإن لم يعتقد بقلبه، وهو قولٌ باطلٌ قطعًا، لأنه تسويغ للنفاق" (٣).

وقال المازري ردًّا عليهم عند شرحه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أليس يشهد أن لا إله إلَّا الله وأني رسول الله؟ قالوا: إنه يقول ذلك وما هو في قلبه. قال: لا يشهد أحدٌ أن لا إله إلَّا الله وأني رسول الله فيدخل النار أو تَطْعَمَهُ" (٤): "إن احتجت به الغلاة من المرجئة في أن الشهادتين تنفع وإن لم تعتقد


(١) انظر: الملل والنحل (١/ ٨٨)، والفتاوى لابن تيمية (٧/ ٥٠٨).
(٢) انظر: مقالات الإسلاميين (١/ ٢٢٣)، والفتاوى لابن تيمية (٧/ ٥٠٩).
(٣) المفهم (١/ ٣٦٦) وانظر أيضًا (١/ ٢٠٤).
(٤) رواه مسلم في كتاب الإيمان باب الدليل على من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا ح/ ٣٣ (١/ ٣٥٦).

<<  <   >  >>