للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي أي كتاب ذُكِرَ هذا الإجماع؟ .

الثاني: أن يُقال: أتعني بأهل اللغة، نقلتها، كأبي عمرو (١)، والأصمعي (٢)، والخليل (٣)، ونحوهم، أو المتكلمين بها؟ فإن عنيت الأول فهؤلاء لا ينقلون كل ما كان قبل الإسلام بإسناد، وإنما ينقلون ما سمعوه من العرب في زمانهم، وما سمعوه في دواوين الشعر، وكلام العرب، وغير ذلك بالإسناد، ولا نعلم فيما نقلوه لفظ الإيمان، فضلًا عن أن يكونوا أجمعوا عليه، وإن عنيت المتكلمين بهذا اللفظ قبل الإسلام، فهؤلاء لم نشهدهم ولا نقل لنا أحدٌ عنهم ذلك.

الثالث: أنه لا يعرف عن هؤلاء جميعهم أنهم قالوا: الإيمان في اللغة هو التصديق، بل ولا عن بعضهم، وإن قدر أنه قاله واحد واثنان فليس هذا إجماعًا.

الرابع: أن يقال: هؤلاء لا ينقلون عن العرب أنهم قالوا: معنى هذا اللفظ كذا وكذا، وإنما ينقلون الكلام المسموع من العرب، وأنه يفهم منه كذا وكذا، وحينئذ فلو قدر أنهم نقلوا كلامًا عن العرب يفهم منه أن الإيمان هو التصديق لم يكن ذلك أبلغ من نقل المسلمين كافة القرآن عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإذا كان مع ذلك قد يظن بعضهم أنه أُريد به معنى لم يرده، فظن هؤلاء ذلك فيما ينقلونه عن العرب أولى.


(١) هو أبو عمرو بن العلاء المازني النحوي المقريء كان من أعلم الناس بالقرآن والعربية والشعر، توفي سنة (١٥٤ هـ). سير أعلام النبلاء (٦/ ٤٠٧)، تهذيب التهذيب (٤/ ٥٦١).
(٢) عبد الملك بن قريب الباهلي المعرف بالأصمعي أديب لغوي، نحوي، أصولي، له عدة مصنفات، منها: "نوادر الأعراب"، "الأصمعيات" وغيرها، توفي بالبصرة سنة (٢١٦ هـ). تاريخ دمشق (٣٧/ ٥٥)، تهذيب التهذيب (٢/ ٦٢٢).
(٣) هو الخليل بن أحمد الفراهيدي البصري إمام مقدم في العربية، وهو منشيء علم العروض توفي سنة (١٧٠ هـ). تهذيب التهذيب (١/ ٥٥٢). البداية والنهاية (١٠/ ١٦٦).

<<  <   >  >>