للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما قولهم أن الله فرق بين الإيمان والعمل، فعطف العمل على الإيمان والعطف يقتضي المغايرة.

فيقال: إن العطف بين شيئين يعني نوع مغايرة كالمغايرة بين الكل والجزء والخاص والعام والمطلق والمقيد، فيجوز عطف الأعمال على الإيمان؛ لأن الإيمان كلٌّ والأعمال جزءُ منه فيكون من باب عطف الخاص على العام كما قال تعالى: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (٩٨)} (١).

ومن المعلوم قطعًا أن جبريل وميكال من جنس الملائكة وكقوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (٢) وغيرها (٣)، فاستدلالهم بالعطف على إخراج الأعمال لا يسلم لهم.

وأمَّا قولهم إن تسمية الأعمال إيمانًا من باب المجاز، فقد رد عليهم في ذلك شيخ الإسلام بكلامٍ يطول ذكره، أذكر منه قوله: "إن القول بالمجاز كلامٌ مبتدع لم يتكلم به السلف من الصحابة والتابعين، بل ولا أحد الأئمة المشهورين بالعلم كمالك والثوري (٤)، والأوزاعي (٥)، وأبي حنيفة، والشافعي، بل ولا تكلم به أئمة اللغة كالخليل وسيبويه (٦)، وأبي


(١) سورة البقرة، الآية: ٩٨.
(٢) سورة البقرة، الآية: ٢٣٨.
(٣) انظر مسائل الإيمان لأبي يعلى ص (٢٤١) والفتاوى لابن تيمية (٧/ ١٧٩).
(٤) هو سفيان بن سعد بن مسروق الثوري، ثقة، حافظ، فقيه، من أعلام القرن الثاني، ورعًا، فقيهًا، زاهدًا، توفي سنة (١٦١ هـ). حلية الأولياء وطبقات الأصفياء لأبي نعيم الأصبهانيّ (٦/ ٣٥٦)، تهذيب التهذيب (٢/ ٥٦).
(٥) أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي إمام أهل الشام وأحد الأئمة الأعلام المشهورين توفي سنة (١٥٧ هـ). حلية الأولياء (٦/ ١٣٥)، صفة الصفوة (٤/ ٢٥٥).
(٦) هو عمرو بن عثمان الملقب بسيبويه، إمام النحو المقدم فيه، طلب الفقه والحديث في بداية =

<<  <   >  >>