للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنه في أول سورة النساء إلى قوله: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (١). وعن الحسن: أنها كل ذنب ختمه الله بنار أو غضب، أو لعنة، أو عذاب، وقيل: هي كل ما أوعد الله عليه بنار أو بحد في الدنيا، وروي عن ابن عباس أنها كل ما نهى الله عنه" (٢).

ثم أنكر نسبة ذلك لابن عباس وردَّه، وبين صحة تقسيم الذنوب إلى صغائر وكبائر فقال: "وما أظنه صحيحًا -أي النقل عن ابن عباس-؛ لأنه مخالف لما في كتاب الله من التفرقة بين المنهيات، فإنه قد فرَّق بينها في قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (٣)، وقوله: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} (٤) فجعل من المنهيات كبائر وصغائر، وفرَّق بينها في الحكم لمَّا جعل تكفير السيئات في الآية مشروطا باجتناب الكبائر، واستثنى اللمم من الكبائر والفواحش، فكيف يخفى هذا الفرق على مثل ابن عباس؛ وهو حبر القرآن! فتلك الرواية عن ابن عباس ضعيفة أو لا تصح" (٥).

ولكن الحافظ ابن حجر صحَّح هذا النقل عن ابن عباس، ولكنه وجه قوله بعد نقله لقول القرطبي السابق حيث قال: "لكن النقل المذكور عنه أخرجه إسماعيل القاضي (٦) والطبري (٧) بسندِ صحيح على شرط


(١) سورة النساء، الآية: ٣١.
(٢) المفهم (١/ ٢٨٣).
(٣) سورة النساء، الآية: ٣١.
(٤) سورة النجم، الآية: ٣٢.
(٥) المفهم (١/ ٢٨٤).
(٦) إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل الأزدي المالكي، مفسر، مقريء، تولى قضاء بغداد وله عدة مصنفات منها "أحكام القرآن". توفي سنة (٢٨٢ هـ). الديباج المذهب ص (١٥١)، طبقات المفسرين للأدنه وي ص (٤١).
(٧) أبو جعفر محمد بن جرير الطبري الإمام المحدث المفسر، صاحب كتاب "جامع البيان في =

<<  <   >  >>