للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النظر وبهذا يجمع بين الأقوال الثلاثة" (١).

وهذا القول هو الذي عليه عامة الأشاعرة، وقد أخذوه عن المعتزلة. قال أبو جعفر السمناني (٢): "إن هذه المسألة بقيت في مقالة الأشعري من مسائل المعتزلة وتفرع عليها أن الواجب على كل أحد معرفة الله بالأدلة الدالة عليه، وأنه لا يكفي التقليد في ذلك" (٣).

ويترتب على قولهم هذا إخراج لعامة المسلمين من الإسلام، بل تكفير لسلف الأمة وَخَلَفِها، وقد بيَّنوا أن هذه الطريقة لا يعرفها كل أحد، فجعلوا الإيمان بالله والدخول في دينه لا يستطيعه إلَّا من رسخ في العلم بزعمهم. ولهذا لما عدَّد شارح "الجوهرة" المطالب السبعة التي يتوصل بها إلى إثبات وجود الله تعالى قال: "وهذه المطالب لا يعرفها إلَّا الراسخون في العلم" ثم قال: "قال السنوسي (٤): وبها ينجو المكلف من أبواب جهنم السبعة" (٥).

فانظر كيف جعل السنوسي عاقبة ترك هذه المطالب على المكلف سواء كان من العوام أو من العلماء الراسخين في العلم، وانظر كيف اعترف الباجوري بأنه لا يعلمها إلَّا الراسخون في العلم، فيكونون على هذا هم الناجين فقط دون من سواهم، ويكون العوام وهم أكثر المسلمين ليسوا بناجين من النار، بل حتى العلماء الذين ليسوا براسخين في العلم،


(١) تحفة المريد على جوهرة التوحيد للباجوري ص (٣٨).
(٢) هو محمد بن أحمد بن محمد السمناني القاضي الحنفي أحد المتكلمين لازم القاضي أبا بكر الباقلاني حتى برز في علم الكلام، كان حامل لواء الأشعرية في زمنه توفي سنة (٤٤٤ هـ).
سير أعلام النبلاء (١٧/ ٦٥١)، البداية والنهاية (١٢/ ٦٨).
(٣) نقله عنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري (١٣/ ٣٦١).
(٤) محمد بن يوسف السنوسي سبقت ترجمته ص (٦٩).
(٥) تحفة المريد للباجوري ص (٤٢).

<<  <   >  >>