للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا تحجير لواسع، وتضييق لرحمة الله، وابتداع لقول لم يسبقوا إليه" (١).

ولا شك أن في الكتاب والسنة تعريفًا للناس بخالقهم بطرق سهلة ميسرة لا تخفى على أحد، ولا تحتاج لرسوخ في العلم، ودقةٍ في النظر، مع ما في فِطَرِ الناس من معرفة لله تعالى. والرسول - صلى الله عليه وسلم - ما أمر الناس بالفظر أو طلب منهم ذلك، أو سأل من دخل في الإسلام عنه، إنما كانت الدعوة إلى الشهادتين فمن فعل ذلك دخل في الإسلام وحكم له به.

قال ابن تيمية: "والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يدع أحدًا من الخلق إلى النظر ابتداءً ولا إلى مجرد إثبات الصانع، بل أول ما دعاهم إليه الشهادتان، وبذلك أمر أصحابه (٢).

وقال ابن حزم: "وقال سائر أهل الإسلام: كل من اعتقد بقلبه اعتقادًا، لا يشك فيه، وقال بلسانه: لا إله إلَّا الله، وأن محمدًا رسول الله وأن كل ما جاء به حق وبرئ من كل دين سوى دين محمد - صلى الله عليه وسلم - فإنه مسلم مؤمن ليس عليه غير ذلك" (٣).

وقال أبو المظفر السمعاني (٤): "إنما أنكرنا طريقة أهل الكلام على ما أسسوا فإنهم قالوا: أول ما يجب على الإنسان النظر المؤدي إلى معرفة الباري. وهذا قول مخترع لم يسبقهم إليه أحد من السلف وأئمة الدين ولو


(١) منهج أهل السنة والجماعة ومنهج الأشاعرة في توحيد الله الخالق، عبد اللطيف محمد نور (١/ ٣١٦).
(٢) درء تعارض العقل والنقل (٨/ ٦).
(٣) الفصل في الملل والنحل (٤/ ٢٩).
(٤) هو منصور بن محمد بن عبد الجبار السمعاني مفسر أُصولي متكلم، له عدة مصنفات منها: "منهاج أهل السنة" توفي سنة (٤٨٩ هـ). طبقات المفسرين للأدنه وي ص (١٤٥)، البداية والنهاية (١٢/ ١٦٤).

<<  <   >  >>