للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعرف إلى عباده وندبهم إلى التفكر في آياته" (١).

ولقد عقد الإمام ابن منده -رحمه الله- في كتابه "التوحيد" عدة فصول تدل على هذا المعنى، وساق تحتها الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، وفهم السلف لتلك النصوص (٢).

وقد بيَّن القرطبي أن هذه المخلوقات تدل على وجود الله سبحانه وتعالى، فما ترى من الشمس والقمر والنجوم والجبال وغيرها من المخلوقات العظيمة دالة على ذلك حيث قال: "الشمس والقمر دليلان على وجود الحق سبحانه وقهره وكمال إلهيته" (٣).

وأشار -رحمه الله- إلى أن النظر في هذه المخلوقات يؤدي بالعبد إلى الإيمان بالله تعالى، واليقين به سبحانه، وأن العاقل هو الذي يقوده هذا التفكر إلى الإيمان بالله تعالى والدخول في دينه، فعند شرحه لحديث أنس الذي قال فيه: "جاء رجل من أهل البادية فقال: يا محمد أتانا رسولك فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك. قال: صدق، قال: فمن خلق السماء؟ قال: الله. قال: فمن خلق الأرض؟ قال: الله. قال: فمن نصب هذه الجبال، وجعل فيها ما جعل؟ قال: الله. قال: فبالذي خلق السماء وخلق الأرض ونصب هذه الجبال، آلله أرسلك؟ قال: نعم ... " (٤).

قال القرطبي -رحمه الله-: هذا الرجل كان كامل العقل، وقد كان


(١) مفتاح دار السعادة (١/ ١٨٧).
(٢) التوحيد لابن منده (١/ ١١٣) فما بعدها.
(٣) المفهم (٢/ ٥٥٢).
(٤) رواه البخاري في كتاب العلم باب ما جاء في العلم وقوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (١١٤)} ح (٦٣) (١/ ١٧٩) ومسلم في كتاب الإيمان باب السؤال عن أركان الإسلام ح (١٢) (١/ ٢٨٣).

<<  <   >  >>