للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كثير من العقلاء يحصل لهم العلم بصحة رسالته بنفس رؤيته ومشاهدته، قبل النظر في معجزته ... والحاصل: من حال هذا السائل أنه حصل له العلم بصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبصحة رسالته لمجموع قرائن لا تتعين إحداها ولا تنحصر أعدادها، ويستفاد من هذا الحديث: أن الشرع إنما طلب من المكلفين التصديق الجزم بالحق كيفما حصل وبأي وجه ثبت، ولم يقصرهم في ذلك على النظر في دلالة معينة، ولا معجزة ولا غيرها، بل كل من حصل له اليقين بصدقه، بمشاهدة وجهه، أو بالنظر في معجزته، أو بتحليفه، أو بقرينة لاحت له كان من المؤمنين، ومن جملة عباد الله المخلصين، لكن دلالات المعجزات هي الخاصة بالأنبياء، والطرق العامة للعقلاء" (١).

وبهذا يتبين لنا أن هذه الأدلة التي ذكرها القرطبي لإثبات ربوبية الله تعالى تدل على أنه يرى أن معرفة الله تعالى لا تنحصر في طريقة معينة لا يعرف إلَّا بها، فالمعرفة بالله تعالى أعظم المعارف وأوضحها، والطرق المؤدية إليها كثيرة، وهذا هو المنهج الصحيح الذي سلكه السلف الصالح، ودلَّت عليه نصوص الكتاب والسنة.


(١) المفهم (١/ ١٦٣).

<<  <   >  >>