للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إيجادها ثم أوجد منها ما سبق في علمه أنه يوجده على نحو ما سبق في علمه، فلا محدث في العالم العلوي والسفلي إلَّا وهو صادر عن علمه تعالى وقدرته وإرادته، هذا هو المعلوم من دين السلف الماضين، والذي دلَّت عليه البراهين" (١).

والإيمان بالقدر ركنٌ من أركان الإيمان، كما جاء في حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عندما سأل جبريل عليه السلام الرسولَ -صلى الله عليه وسلم- عن الإيمان فقال -صلى الله عليه وسلم-: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره" (٢).

والأدلة عليه من الكتاب والسنة كثيرة، منها:

- قوله تعالى: {فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (٢١) إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢٢) فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} (٣) أي: جعلنا الماء في مقر يتمكن فيه، وهو الرحم مؤخر إلى مقدار معلوم قد علمه الله، وحكم به، فقدرنا ذلك تقديرًا، فنعم المقدرون له نحن، أو فقدرنا على ذلك، فنعم القادرون عليه نحن، والأول أحق (٤).

- وقوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (٤٩)} (٥).

قال ابن كثير: "أي قدر قدرًا، وهدى الخلائق إليه، ولهذا يستدل بهذه الآية الكريمة أئمة السنة على إثبات قدر الله السابق لخلقه، وهو علمه الأشياء قبل كونها، وكتابته لها قبل برئها، وردوا بهذه الآية الكريمة وما


(١) المفهم (١/ ١٣٢).
(٢) سبق تخريجه ص (١٣٧).
(٣) سورة المرسلات، الآية: ٢١ - ٢٣.
(٤) تفسير النسفي (٢/ ٧٦٣).
(٥) سورة القمر، الآية: ٤٩.

<<  <   >  >>