للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إما جلب نفع أو دفع ضر" (١).

لكن المعتزلة قالوا: لا فائدة في الدعاء، مع سابق القدر، وغلاة الصوفية قالوا: إن الدعاء قادح في التوكل. وهذا كلامٌ باطلٌ، مردود على أصحابه بالشرع والعقل إذ الدعاء من الأسباب التي جعلها الله موصلة للمراد.

قال ابن تيمية: الدعاء في اقتضائه الإجابة، كسائر الأعمال الصالحة في اقتضائها الإثابة، وكسائر الأسباب في اقتضائها المسببات، ومن قال: إن الدعاء علامة ودلالة محضة على حصول المطلوب المسؤول ليست بسبب أو هو عبادة محضة لا أثر له في حصول المطلوب وجودًا ولا عدمًا، بل ما يحصل بالدعاء يحصل بدونه، فهما قولان ضعيفان، فإن الله علَّق الإجابة به تعليق المسبب بالسبب، كقوله: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (٢) وفي الصحيحين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلَّا أعطاه بها إحدى خصال ثلاث: إما أن يعجِّل له دعوته، وإما أن يدَّخر له من الخير مثلها، وإما أن يصرف عنه من الشر مثلها قالوا: يا رسول الله إذًا نُكثر، قال: الله أكثر" (٣) فعلَّق العطايا بالدعاء، تعليق الوعد والجزاء بالعمل المأمور به" (٤).


(١) انظر: قطر الولي على حديث الولي للشوكاني ص (٥١٢).
(٢) سورة غافر، الآية: ٦٠.
(٣) أخرجه أحمد في المسند (٣/ ١٨)، والترمذي في كتاب الدعوات، باب في انتظار الفرج وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وأخرجه الحاكم في المستدرك، وقال: هذا صحيح الاسناد إلَّا أن الشيخين لم يخرجاه (١/ ٩٨٥)، وحسَّنه الألباني في صحيح الجامع الصغير (٢/ ٩٨٥)، برقم (٥٦٣٧).
(٤) الفتاوى (٨/ ١٩٢).

<<  <   >  >>