للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لاهٍ" (١) ثم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكتف بالنهي عن ذلك حتى أمر بنقيضه، فقال: "ليعزم في الدعاء" أي ليجزم في طلبته وليحقق رغبته ويتيقن الإجابة" (٢).

وذكر في موضع آخر جملة من شروط الدعاء وآدابه التي بالقيام بها وتحقيقها ترجى الإجابة فقال: "إن إجابة الدعاء لابد لها من شروط في الداعي وفي الدعاء وفي الشيء المدعو به، فمن شرط الداعي أن يكون عالمًا بأنه لا قادر على حاجته إلَّا الله تعالى، وأن الوسائط في قبضته ومسخرة بتسخيره، وأن يدعو بنية صادقة، وحضور قلب، وأن يكون مجتنبًا لأكل الحرام، وألَّا يمل من الدعاء فيتركه، ويقول: قد دعوت فلم يستجب لي، كما قال في الحديث، ومن شروط المدعو فيه أن يكون من الأمور الجائزة الطلب والفعل شرعًا ... واستدامة الإلحاح في الدعاء، فإن الله يحب الملحين عليه في الدعاء، وكيف لا؟ والدعاء مخ العبادة، وخلاصة العبودية، والقائل قد دعوت فلم أر يستجاب لي، ويترك. قانطًا من رحمة الله وفي صورة الممتن بدعائه على ربه، ثم إنه جاهل بالإجابة، فإنه يظنها إسعافه في عين ما طلب فقد يعلم الله تعالى: أن عين ما طلب مفسدة فيصرفه عنها، فتكون إجابته في الصرف، وقد يعلم الله أن تأخيره إلى وقت آخر أصلح للداعي، وقد يؤخره؛ لأنه سبحانه يحب استماع دعائه ودوام تضرعه، فتكثر أجوره، حتى يكون ذلك أعظم وأفضل من عين المدعو به لو قضى له. وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "ما من داع يدعو إلَّا كان بين إحدى ثلاث: إما أن يستجاب له، وإما أن يدخر له، وإما أن يكفر


(١) رواه الترمذي في كتاب الدعوات، باب (٦٦) وقال: حديث غريب لا نعرفه إلَّا من هذا الوجه، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (٢/ ١٤١) برقم (٥٩٤).
(٢) المفهم (٧/ ٢٩).

<<  <   >  >>