للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وثالثها: أن تلك الخصال كانت علامة المنافقين في زمانه، فإن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- كانوا مجتنبين لتلك الخصال، بحيث لا تقع منهم، ولا تعرف فيما بينهم، وبهذا قال ابن عباس وابن عمر وروي عنهما في ذلك حديث وهما أنهما أتيا النبي -صلى الله عليه وسلم- فسألاه عن هذا الحديث فضحك النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: "ما لكم ولهن إنما خصصت بهن المنافقين أنتم من ذلك براء" (١) وذكر الحديث بطوله القاضي عياض قال: وإلى هذا صار كثير من التابعين والأئمة" (٢).

وقال المازري في شرح هذا الحديث: "قد توجد هذه الأوصاف الآن فيمن لا يطلق عليه اسم النفاق، فيحتمل أن يكون الحديث محمولًا على زمنه -صلى الله عليه وسلم-، وكان ذلك علامة للمنافقين في أهل زمانه، ولا شك أن أصحابه كانوا مبرئين من هذه النقائص مطهرين منها، وإنما كانت تظهر في زمانه من أهل النفاق، أو يكون -صلى الله عليه وسلم- أراد بذلك من غلب عليه فعل هذه واتخذها عادة تهاونًا بالديانة أو يكون أراد النفاق اللغوي الذي هو إظهار خلاف المضمر، وإذا تأملت هذه الأوصاف وجدت فيها معنى ذلك؛ لأن الكاذب يظهر إليك أنه صدق ويبطن خلافه، والخصم يظهر أنه أنصف ويبطن الفجور والواعد يظهر أنه سيفعل وينكشف الباطن بخلافه" (٢).


(١) لم أجده مع طول البحث والتحري ثم وجدته عند القاضي عياض في إكمال المعلم وقد قال فيه الدكتور: يحيى إسماعيل محقق المعلم: لم أجده وليس عليه أنوار النبوة. إكمال المعلم (١/ ٣١٥).
وقال الدكتور حسين شواط في تحقيقه لكتاب الإيمان من إكمال المعلم: لم أقف على هذا الحديث برغم طول البحث في المظان. كتاب الإيمان من إكمال المعلم (١/ ٣٤٤) هامش (٤).
(٢) المعلم (١/ ١٩٧).

<<  <   >  >>