أحدهما: أن المقسم به محذوف تقديره: ورب الضحى ورب الشمس ونحو ذلك، قاله أكثر أئمة المعاني.
وثانيهما: أن الله تعالى يقسم بما يريد، كما يفعل ما يريد. إذ لا حكم عليه ولا حاكم فوقه، ونحن المحكوم عليهم، وقد أبلغنا حكمه على لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم-: "من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت" و"من كان حالفًا فلا يحلف إلَّا بالله" فيجب الانقياد والامتثال لحكم ذي العزة والجلال (١).
والمازري قد قرَّر تحريم الحلف بغير الله تعالى، وأجاب عن الاستشكال الذي سبق ذكره وذلك عند تعليقه على قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم"، حيث قال:"هذا لئلا يشرك في التعظيم بالقسم غير الله سبحانه، وقد قال ابن عباس: لأن أحلف بالله فآثم أحب إليَّ من أن أضاهي، فقيل معناه: الحلف بغير الله، وقيل معناه: الخديعة، يرى أنه حلف وما حلف، وقد قال ابن عباس أيضًا: أن أحلف بالله مائة مرة فآثم خير من أن أحلف بغيره فأبر. ولهذا ينهى عن اليمين بسائر المخلوقات، ولا يعترض على هذا بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "أفلح وأبيه إن صدق" لأنه لا يراد بها القسم، وإنما هذا قولٌ جارٍ على ألسنتهم ... وقوله تعالى: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١)} (قيل معناه: ورب التين والزيتون) أو يكون المراد به التنبيه على ما فيها من العجائب والمنة بهما عليهم، ولا يراد بهما القسم، ولو سلَّمنا أن المراد بهما القسم من غير حذف وإضمار لم يبعد أن يكون الباري سبحانه يقسم بهما ويمنعنا من القسم بهما، وتعظيم الباري جلت قدرته للأشياء بخلاف تعظيمنا لها؛ لأن كل حق بالإضافة إلى حقه