للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من تأول الشؤم المذكور في هذه الثلاثة، فقال: الشؤم في المسكن ضيقه، وسوء جيرانه، وفي المرأة سوء خلقها، وألا تلد، وفي الفرس جماحه وألا يُغزى عليه.

وهذا المعنى لا يليق بالحديث ونسبته إلى أنه هو مراد الشرع من فاسد الحديث. وما ذكرناه أولى والله تعالى أعلم" (١).

وأما المازري فقد قال عن هذا الحديث: "مالك -رضي الله عنه- أخذ هذا الحديث على ظاهره، ولم يتأوله، فذكر في كتاب الجامع من المستخرجة أنه قال: رب دار سكنها قوم فهلكوا، وآخرون بعدهم فهلكوا، وأشار إلى حمل الحديث على ظاهره، وقال غيره: فإن هذا محمله على أن المراد به أن قدر الله سبحانه ربما اتفق بما يكره عند سكنى الدار، فيصير ذلك كالسبب فيتسامح في إضافة الشؤم إليه مجازًا واتساعًا، قالوا: وقد قال في بعض طرق مسلم: إن يكن الشؤم، وهذا لفظ ينافي القطع، ويكون محمله إن يكن الشؤم حقًّا فهذه الثلاث أحق به، بمعنى أن النفوس يقع فيها التشاؤم بهذه أكثر مما يقع بغيرها. وقد وقع في بعض الأحاديث أنه -صلى الله عليه وسلم- لمَّا شكِيَ إليه في بعض الديار ذهاب الأهل والمال قال: دعوها ذميمة.

وقد اعترض بعض أهل العلم في هذا الموضع؟ بأن قال: فإنه نهى -صلى الله عليه وسلم- عن الفرار من بلد الطاعون، وأباح الفرار من هذه الدار فما الفرق؟ قال بعض أهل العلم: إن الجامع لهذه الفصول كلها ثلاثة أقسام (٢).


(١) المفهم (٥/ ٦٢٩) وانظر أقوال العلماء في المسالة: في مفتاح دار السعادة لابن القيم (٢/ ٢٥٧). وفتح الباري لابن حجر (٦/ ٧١). وتيسير العزيز الحميد لسليمان بن عبد الله آل الشيخ ص (٤٢٨).
(٢) المعلم (٣/ ١٠٤).

<<  <   >  >>