للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كفِّ رجُلٍ منهم فدلَكَ بها وجهَهُ وجلدَه" (١).

فهذا الحديث وأمثاله يدل على مشروعية التبرك بالرسول -صلى الله عليه وسلم-، وبآثاره، كفضل وضوئه وشعره (٢).

وأما التبرك بالمواضع التي نزل فيها الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو صلى فيها اتفاقًا من غير قصد، فقد ذهب بعض المتأخرين من العلماء إلى استحباب ذلك، واستدلوا على مشروعية ذلك بفعل ابن عمر -رضي الله عنهما- فقد كان يتحرى الصلاة في المواضع التي صلى فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والنزول في أماكن نزوله في سفره (٣). وما جاء في صحيح البخاري أيضًا أن عتبان بن مالك طلب من الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يصلي له في مكان في بيته ليتخذه مصلى فأجابه الرسول -صلى الله عليه وسلم- لذلك (٤).

ورأى الآخرون المنع من ذلك؛ لأنه لم ينقل عن أحد من الصحابة -رضي الله عنهم- ذلك سوى ابن عمر -رضي الله عنهما-. فتحري ذلك ليس من سنة الخلفاء الراشدين، بل هو مما ابتدع، وقول الصحابي إذا


(١) رواه البخاري في كتاب الوضوء، باب البزاق والمخاط ونحوه في الثوب ح (٢٤١)، (١/ ٤٢٠).
(٢) على أنه من المناسب لنا في هذا الزمن عند الحديث عن التبرك بآثار الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن ننقل قول العلامة الألباني في هذه المسألة حيث قال: إننا نؤمن بجواز التبرك بآثاره-صلى الله عليه وسلم- ولا ننكره لكن يشترط للراغب في التبرك أن يكون حاصلًا على أثر من آثاره -صلى الله عليه وسلم- ويستعمله ونعلم أنَّ آثاره -صلى الله عليه وسلم- من ثياب أو شعر أو فضلات قد فقدت وليس بامكان أحد إثبات وجود شيء منها على وجه القطع واليقين وإذا كان الأمر كذلك فإن التبرك بهذه الآثار يصبح أمرًا غير ذي موضوع في زماننا هذا ويكون أمرًا نظريًا فلا ينبغي إطالة القول فيه. التوسل أنواعه وأحكامه للألباني ص (١٦١).
(٣) رواه البخاري في كتاب الصلاة باب المساجد التي على طرق المدينة والموضع التي صلى فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ح (٤٨٣) (١/ ٦٧٦).
(٤) رواه البخاري في كتاب الصلاة باب المساجد في البيوت ح (٤٢٥) (١/ ٦١٨).

<<  <   >  >>