للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خالفه نظيره ليس بحجة، فكيف إذا انفرد به عن جماهير الصحابة؟ ! . إضافة إلى أن ذلك تشبُّهٌ بأهل الكتاب، وقد يكون ذريعة إلى الشرك بالله تعالى (١).

قال ابن تيمية -رحمه الله-: "ما فعله ابن عمر لم يوافقه عليه أحد من الصحابة، فلم ينقل عن الخلفاء الراشدين، ولا غيرهم من المهاجرين والأنصار أن أحدًا منهم كان يتحرى قصد الأمكنة التي نزلها النبي -صلى الله عليه وسلم-، والصواب مع جمهور الصحابة؛ لأن متابعة النبي -صلى الله عليه وسلم- تكون بطاعة أمره، وتكون في فعله، بأن يفعل مثل ما فعل على الوجه الذي فعله، فإذا قصد العبادة في مكان كان قصد العبادة فيه متابعة له، كقصد المشاعر والمساجد، وأما إذا نزل في مكان بحكم الاتفاق لكونه صادف وقت النزول أو غير ذلك مما يعلم أنه لم يتحر ذلك المكان، فإذا تحرينا ذلك المكان لم نكن متبعين له، فإن الأعمال بالنيات" (٢).

"على أن من العلماء من رخَّص في ذلك إذا لم يتخذ عيدًا فيكثر انتياب الناس له لأجل ذلك" (٣).

والقرطبي -رحمه الله- أقرَّ التبرك بالرسول -صلى الله عليه وسلم- بذاته وبآثاره -وهو مشروع بلا شك- وقرر مشروعية بل فضل التبرك بمواضعه، فقال: "كان أصحابه يتبركون بوضوئه وشرابه، وبعرقه، ويستشفون بجبته، ويتبركون بآثاره، ومواطنه، ويدعون، ويصلون عندها، وهذا كله عمل بمقتضى الأمر بالتعزير والتعظيم ونتيجة الحب الصحيح" (٤).


(١) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية (ص ٣٩٠).
(٢) المرجع السابق (ص ٣٨٧).
(٣) انظر: المرجع السابق (ص ٣٨٤، ٣٨٧).
(٤) المفهم (٥/ ٢٧٦).

<<  <   >  >>