ونرى أن القرطبي قصر تأثير الساحر على النوع الأول وهو المرض، والتفريق بين الزوجين وما شابههما.
وأما المازري فجوز أكثر من ذلك.
والصحيح أن السحر له تأثير حقيقي على الإنسان، وأما ما يفعله الساحر من الطيران في الهواء أو المشي فوق الماء، أو قلب الإنسان حيوانًا، أو غيرها من الأعمال فعند كثير من العلماء أن هذا من باب التخييل ليس من نوع تغيير طبيعة الشيء إلى غيرها.
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله- عن وقوع مثل هذه الأفعال من الساحر:"بالنسبة إلى ثبوت وقوع مثل ذلك بالفعل فلم يقم دليل مقنع؛ لأن غالب ما يستدل عليه به قائله حكايات لم تثبت عن عدول، ويجوز أن يكون ما وقع منها من جنس الشعوذة، والأخذ بالعيون، لا قلب الحقيقة مثلًا إلى حقيقة أخرى، وهذا هو الأظهر عندي والله تعالى أعلم"(١).
وقد بيَّن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أن حد قدرة الساحر هو ما يكون باستطاعة أحد من الإنس أو الجن، وما لا يدخل تحت قدرتهم فلا يستطيعه الساحر، كقلب الإنسان حيوانًا مثلًا حيث قال -رحمه الله-: "وجميع ما يختص بالسحرة والكُهَّان وغيرهم مما ليس بنبي: لا يخرج عن مقدور الإنس والجن، وأعني بالمقدور: ما يمكنهم التوصل إليه بطريق من الطرق ... فما يقدر عليه الساحر من سحر بعض الناس حتى يمرض أو يموت هو من مقدور الجن، وهو من جنس مقدور