للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأمَّا المازري فقد أجاز أكثر من ذلك، وبيَّن أن هذا هو مذهب الأشعرية، فقال: "وإذا ثبت السحر فاختلف الناس في القدر الذي يقع عن السحر، ولهم في ذلك اضطراب كثير، وقد رأيت بعض الناس ذهب إلى أنه لا يبلغ الأمر فيه إلى غريبة تربي على التفرقة بين المرء وزوجه، وذكر أن الله سبحانه إنما ذكر ذلك تعظيمًا لما يكون عنه، وتهويلًا له في حقنا فلو كان يقع عنه ما هو أعظم لذكره إذ لا يضرب المثل عند المبالغة إلَّا بأعلى أحوال المذكور.

ومذهب الأشعرية: أنه يجوز أن يقع عنه ما هو أكثر من ذلك، والذي قالته الأشعرية هو الصحيح عقلًا، وإذا قلنا أن لا فاعل إلَّا الله سبحانه، وإنما يقع من ذلك عادة أجراها تعالى، فلا تفترق الأفعال في ذلك، وليس بعضها أولى من بعض، وهذا واضحٌ، لكن إن ورد السمع بقصوره عن مرتبة ما، وجب اتباع السمع في ذلك، وسمع قاطع يوجب الاقتصار على ما قاله من حكينا قوله لا يوجد وذكر التفرقة بين الزوجين ليس بنص جلي، فيما قاله، ولكنه إنما يبقى النظر في كونه ظاهرًا، والمراد في المسألة القطع، فلهذا لم نشتغل هاهنا بتحرير ما تعلق به من الآية" (١).


= ما أظهر على يده والولي والساحر لا يتحديان ولا يستعجزان الخليقة ليستدلوا على صدقهم وعلى نبوتهم ولو حاولوا أشياء من ذلك لم تنخرق لهم العادة، أو تنخرق ولكنها تنخرق لمن يعارضهم، وأما الولي والساحر فإنهما يفترقان من طريق أخرى وهي أنَّ الساحر يكون ذلك علمًا على فسقه وكفره والولي لا يكون علمًا على ذلك فيه فافترق حال الثلاثة بعضهم من بعض والساحر أيضا يكون ذلك منه عن أشياء يفعلها وقوى يمزجها ومعاناة وعلاج والولي لا يفتقر إلى ذلك وكثيرًا ما يقع له ذلك بالاتفاق من غير أن يستدعيه أو يشعر به. المعلم (٣/ ٩٤).
(١) المعلم (٣/ ٩٣).

<<  <   >  >>