للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من العين والحمة والنملة" (١) دليل على أن الأصل في الرقى كان ممنوعًا كما قد صرَّح به حيث قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الرقى (٢). وإنما نهى عنه مطلقًا لأنهم كانوا يرقون في الجاهلية برقى هو شرك وبما لا يفهم وكانوا يعتقدون أن ذلك الرقى يؤثر، ثم إنهم لما أسلموا وزال ذلك عنهم نهاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك عمومًا ليكون أبلغ في المنع وأسد للذريعة، ثم إنهم لما سألوه وأخبروه: أنهم ينتفعون بذلك رخص لهم في بعض ذلك وقال: "أعرضوا عليَّ رقاكم لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك" (٣).

فجازت الرقية من كل الآفات، ومن الأمراض، والجراح، والقروح، والحمة، والعين، وغير ذلك، إذا كان الرقى بما يفهم، ولم يكن فيه شرك ولا شيء ممنوع (٤).

وقال المازري: "يحتمل أن يكون النهي كان ثابتًا ثم نُسخ، أو يكون كان النهي لأنهم كانوا يعتقدون منفعتها بطبيعة الكلام، كما كانت تعتقد الجاهلية، فلما استقر في أنفسهم وارتاضوا بالشرع أباحها لهم مع اعتقادهم أن الله هو النافع والضار، أو يكون النهي عن الرقى الكفرية ألا تراه يقول للذي قال له: "نهيت عن الرقى قال: فعرضوها عليه -صلى الله عليه وسلم- فقال ما أرى بأسًا" (٥).

وبهذا يتضح موقف الإسلام من الرقى، وأنها جائزة بشروط، قال


(١) رواه مسلم في كتاب السلام باب استحباب الرقية من العين والنملة والحمة ح (٢١٩٦)، (١٤/ ٤٣٥).
(٢) هو جزء من الحديث السابق الذي قال فيه عليه السلام "من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل".
(٣) سبق تخريجه ص (٣٣٤).
(٤) المفهم (٥/ ٥٨٠).
(٥) المُعلم (٣/ ٩٥).

<<  <   >  >>