للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم يعلق عليه.

وذكر قولًا آخر لم ينسبه لأحد، وهو أن استعمال الرقى والكي قادح في التوكل بخلاف سائر أنواع الطب؛ لأن باب الرقى والكي والطيرة موهوم، وما عداها غير موهوم، بل محقق، فيصير كالأكل للغذاء أو الشرب للري.

وردَّ أيضًا هذا القول وبيَّن أنه فاسد من وجهين: أحدهما أن أكثر أبواب الطب موهومة فلا معنى للتخصيص.

والثاني: أن الرقى باسماء الله هو غاية التوكل على الله تعالى، فإذا كان هذا قادحًا في التوكل فليكن الدعاء والأذكار قادحًا في التوكل، ولا قائل به، ثم بيَّن أن الرسول رقى واسترقى، وفعل ذلك الخلفاء والسلف، فإذا كانت الرقى قادحة في التوكل ومانعة من اللحوق بالسبعين ألفًا، فالتوكل لم يتم للنبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا لأصحابه، ولا يكون بهذا أحد منهم من السبعين ألفًا، ولا يقول بهذا عاقل" (١).

ثم بيَّن رأيه في هذه المسألة فقال: "وأمَّا الرقى والاسترقاء: فما كان منه من رقى الجاهلية أو بما لا يعرف فواجب اجتنابه على سائر المسلمين وتركه حاصل من أكثرهم، فلا يكون اجتناب ذلك هو المراد هنا، ولا اجتناب الرقى بأسماء الله تعالى وبالمروي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما قدمناه من أنه التجاء إلى الله وتبرك بأسمائه.

ويظهر لي والله أعلم أن المقصود: اجتناب رقى لا تدخل في هذين القسمين كالرقى بأسماء الملائكة والنبيين والصالحين، أو بالعرش والكرسي والسموات والجنة والنار وما شاكل ذلك مما يعظم ... هذا ما


(١) انظر: المفهم (١/ ٤٦٣، ٤٦٤، ٤٦٥).

<<  <   >  >>