للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الحديث السابق، فقد قال المازري فيه بعد أن بين أنه قد جاءت أحاديث كثيرة في منافع الأدوية، وكثرة تداوي الرسول -صلى الله عليه وسلم-: فإذا ثبت هذا صح أن يحمل ما في الحديث على قوم يعتقدون أن الأدوية نافعة بطباعها كما يقول بعض الطبائعيين لا أنهم يفوضون الأمر إلى الله سبحانه وحده" (١).

لكن القرطبي رد قول المازري هذا فقال بعد سياقه لكلام المازري السابق: وهذا غير لائق بمساق الحديث ولا بمعناه إذ مقصوده: إثبات مزية وخصوصية لهؤلاء السبعين ألفًا، وما ذكره يرفع المزية والخصوصية، فإن مجانبة اعتقاد ذلك هو حال المسلمين كافة، ومن لم يجانب اعتقاد ذلك لم يكن مسلمًا، ثم إن ظاهر لفظ الحديث إنما هو "لا يرقون ولا يكتوون" أي لا يفعلون هذه الأمور، وما ذكره خروج عنه من غير دليل (٢).

ثم ذكر قول الداوودي (٣) وهو أن المراد أن هؤلاء يجتنبون فعل ذلك في الصحة، وأما في المرض فجائز، ورد عليه القرطبي بأن هذا وإن صح في بعض الرقى لم يصح في البعض الآخر، فالتعويذات من الرقى ويجوز أن يتعوذ من الشرور كلها قبل وقوعها وكذلك التطبب يجوز أن يتحرز من الأدواء قبل وقوعها.

ثم ذكر قول الخطابي الذي سبق ذكره، وإقرار القاضي عياض له


(١) المعلم (١/ ٢٣١).
(٢) المفهم (١/ ٤٦٣).
(٣) هو أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداوودي البوشنجي كان من الأئمة الكبار في المذهب الشافعي توفي سنة (٤٦٧ هـ). سير أعلام النبلاء (١٨/ ٢٢٢). معجم المؤلفين (٢/ ١٢٢).

<<  <   >  >>