للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كافر بي مؤمن بالكوكب" (١).

قال القرطبي: "ظاهره أنه الكفر الحقيقي؛ لأنه قابل به المؤمن الحقيقي، فيحمل على من اعتقد أن المطر من فعل الكواكب وخلقها، لا من فعل الله تعالى، كما يعتقده بعض جهال المنجمين والطبائعيين العرب" (٢).

وأما النوع الثاني: الذين يعتقدون أن الكواكب دالة على علم الغيب ومعرفة حوادث الأرض، فقد بيَّن القرطبي فساد مذهبهم لكنه لم يحكم بكفرهم، حيث قال: "النجوم لا يعلم بها علم الغيب، ولا القضاء ولو كان كذلك لكانت الملائكة أعلم بذلك وأحق به، وكل ما يتعاطاه المنجمون من ذلك فليس شيء منه علمًا يقينًا، وإنما هو رجم بظن وتخمين بوهم، الإصابة فيه نادرة، والخطأ والكذب فيه غالب، وهذا مشاهد من أحوال المنجمين، والمطلوب من العلوم النجوميات ما يهتدى به في الظلمات، وتعرف به الأوقات، وما سوى ذلك فمخارق وترهات، ويكفي في الرد عليهم ظهور كذبهم واضطراب قولهم، وقد اتفقت الشرائع على أن القضاء بالنجوم محرم مذموم" (٣).

وأما المازري فقد حكم أيضًا بتكفير أصحاب القول الأول، فقال:


(١) رواه البخاري في كتاب الأذان باب يستقبل الإمام الناس إذا سلم ح (٨٤٦) (٢/ ٣٨٨) ومسلم في كتاب الإيمان باب بيان كفر من قال مطرنا بالنوء ح (٧١) (٢/ ٤١٩).
(٢) المفهم (١/ ٢٥٩) وقد بين أيضًا أنه لا يجوز إطلاقًا هذا اللفظ ولو اعتقد أن الله هو خالق المطر فقال عمن فعل هذا: ليس بكافر ولكنه مخطيء من وجهين: أحدهما: أنه خالف الشرع وقد حذر من هذا الإطلاق. وثانيهما: أنه قد تشبه بأهل الكفر في قولهم وذلك لا يجوز لأنا قد أمرنا بمخالفتهم ... فلو قال غير هذا اللفظ الممنوع يريد به الإخبار عما أجرى الله به سنته جاز. المفهم (١/ ٢٥٩).
(٣) المفهم (٥/ ٦٣٨).

<<  <   >  >>