للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النحويين ومن المتكلمين: الاسم هو المسمى، فحاشاهم أن يريدوا هذه الحماقة، وإنما أرادوا: أنه هو من حيث أنه لا يدل إلَّا عليه، ولا يفيد إلَّا هو، فإن كان ذلك الاسم من الأسماء الدالة على ذات المسمى دل عليه من غير مزيد أمر أخر، وإن كان من الأسماء الدالة على معنى زائد: دلَّ على تلك الذات منسوبة إلى ذلك الزائد خاصة دون غيره، وبيان ذلك: أنك إذا قلت: زيد -مثلًا- فهو يدل على ذاتٍ مُشخَّصه في الوجود من غير زيادة ولا نقصان، فلو قلت -مثلًا-: العالم دل هذا على تلك الذات منسوبة إلى العلم ... ومن هنا صحَّ عقلًا أن تكثر الأسماء المختلفة على ذات واحدة، ولا توجب تعددًا فيها ولا تكثيرًا (١)، وقد غمض فهم هذا مع وضوحه على بعض أئمة المتكلمين، وفر منه هربًا من لزوم تعدد في ذات الإله ... قد يقال: الاسم هو المسمى ويعني به: أن هذه الكلمة التي هي الاسم قد يطلق ويراد به المسمى كما قيل ذلك في قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)} (٢) أي سبح ربك، فأريد بالاسم المسمى، وهذا بحث لفظي لا ينبغي أن ينكر ولا جرم قال به في هذه الآية وفيما يشبهها جماعة من علماء اللسان وغيرهم، وإذا تقرر هذا فافهم أن أسماء الحق سبحانه، وإن تعددت فلا تعدد في ذاته تعالى" (٣).

وبيَّن في موضع آخر أن الاسم غير المسمى، وذلك عند قول عائشة


= عليهم وهذا غلط عليهم بل هؤلاء يقولون: اللفظ هو التسمية والإسم ليس هو اللفظ بل هو المراد باللفظ فإنك إذا قلت: يا زيد يا عمر فليس مرادك دعاء اللفظ بل مرادك دعاء المسمى باللفظ وذكرت الإسم فصار المراد بالاسم هو المسمى. الفتاوى (٦/ ١٨٨).
(١) وهذا منه رحمه الله رد على الجهمية الذين يزعمون أنَّ إثبات الأسماء يوجب تعددًا في الذات.
(٢) سورة الأعلى، الآية: ١.
(٣) المفهم (٧/ ١٤) وقد نقل الحافظ ابن حجر هذا القول بطوله في فتح الباري (١١/ ٢٢٥).

<<  <   >  >>