للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبيَّن في الموضع الآخر أنه لا بد من التوقيف عليها أو استعمالها استعمال الأسماء من الكثرة والتكرار، حيث قال: "أسماء الله تعالى لا بد فيها من التوقيف عليها، أو استعمالها استعمال الأسماء من الكثرة والتكرار، فيخبر به، وينادى به، كما اتفق في سائر أسماء الله تعالى كالغفور والشكور والعليم والحليم، وغير ذلك من أسمائه، فإنك تجدها في الشريعة وفي لسان أهلها تارة يخبر بها، وأخرى يخبر عنها، وأخرى يدعى وينادى بها (١).

وما ذكره -رحمه الله- في هذا الكلام فيه إيهام، إذ الأسماء التي جاء بها للتمثيل كلها، وردت في كتاب الله، وليته ضرب لنا مثلًا لما استعمل استعمال الأسماء من الكثرة والتكرار، ولم يرد في كتاب ولا سنة ليتبين لنا مراده جزمًا بلا تخمين. والذي يظهر لي -والله أعلم- أنه خلط بين الأسماء وبين مسألة الإخبار عنه. فالأسماء يجب التوقيف فيها، فلا يسمى إلَّا بنص من كتاب أو سنة، وأما مسألة الإخبار عنه فقد توسع العلماء في ذلك فأجازوا الإخبار عنه تعالى بغير أسمائه التي ورد فيها النَّص، فأجازوا إطلاق اسم: "الموجود" و"الشيء" و"الذات" وغيرها على الله تعالى، من باب الإخبار، وإن لم ترد في الكتاب أو السنة، لكنه لا يخبر عنه باسم سيء.

قال ابن تيمية: "وأما الإخبار عنه فلا يكون باسم سيئ، لكن. قد يكون باسم حسن، أو باسم ليس بسيئ، وإن لم يحكم بحسنه مثل اسم: شيء وذات وموجود" (٢).


(١) المفهم (٥/ ٥٤٨).
(٢) الفتاوى (٦/ ١٤٢، ١٤٣).

<<  <   >  >>