للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكتاب والسنة، فلا مجال للعقل فيها؛ لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه الله من الأسماء لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا نُحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك" (١).

والتسمية من الثناء، فدل على أن العقل لا مجال له في باب الأسماء إلَّا التصديق والوقوف عند النصوص.

واحتج الغزالي بالاتفاق على أنه لا يجوز لنا أن نسمي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- باسم لم يسمه به أبوه، ولا سمى به نفسه، وكذا كل كبير من الخلق قال: "فإذا امتنع ذلك في حق المخلوق فامتناعه في حق الله أولى" (٢).

والقرطبي تكلم في هذه المسألة في موضعين من المفهم بيَّن فيهما موضع الخلاف في ذلك، ولم يرجح حيث قال: "العلماء اختلفوا في أسماء الله تعالى هل الأصل فيها التوقيف، فلا يسمى إلَّا بما سمى به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله، أو بجمع الأمة عليه؟ أو الأصل جواز تسميته بكل اسم حسن إلَّا أن يمنع منه مانع شرعي؟ .

الأول: لأبي الحسن، والثاني: للقاضي أبي بكر (٣)، ومثار الخلاف: هل الألف واللام في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (٤) للجنس أو للعهد؟ ... ثم هل يكتفي في كون الكلمة اسمًا من أسماء الله تعالى بوجودها في كلام الشارع من غير تكرار، ولا كثرة، أم لا بد منهما؟ فيه رأيان" (٥).


(١) رواه مسلم في كتاب الصلاة باب ما يقال في الركوع والسجود ح (٤٨٦) (٤/ ٤٥٠).
(٢) المقصد الأسني للغزالي ص (١٧٤).
(٣) الباقلاني.
(٤) سورة الأعراف، الآية: ١٨٠.
(٥) المفهم (٦/ ٥٧٦).

<<  <   >  >>