للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وللقرطبي كلامٌ جميل عند ردّه على المتكلمين ليته التزم به حيث قال: "بحث المتكلمون عن كيفية تعلقات صفات الله تعالى وتقديرها واتخاذها في أنفسها، وأنها هي الذات أو غيرها إلى غير ذلك من الأبحاث المبتدعة التي لم يأمر الشرع بالبحث عنها، وسكت أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومن سلك سبيلهم عن الخوض فيها لعلمهم بأنها بحث عن كيفية ما لا تعلم كيفيته، فإن العقول لها حد تقف عنده وهو العجز عن التكييف لا يتعداه، ولا فرق بين البحث في كيفية الذات وكيفية الصفات، ولذلك قال العليم الخبير: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} (١) ونقطع بوجود الخالق المنزه عن صفات المخلوقات المقدس عن أحوالها الموصوف بصفات الكمال اللائق به، ثم مهما أخبرنا الصادقون عنه بشيء من أوصافه وأسمائه قبلناه واعتقدناه وما لم يتعرضوا له سكتنا عنه، وتركنا الخوض فيه هذه طريقة السلف وما سواه مهاوٍ وتلف" (٢).

وهذا منهج سلفي صرف، لكنه -رحمه الله- عند التطبيق سلك مسلك المؤولين، وسار على طريقة المتكلمين مخالفًا ما جاء عن السلف وما عليه الأثبات من الخلف.

والقرطبي والمازري رحمهما الله منهجهما في الصفات بين التأويل والتفويض، مع رمي السلف بالتشبيه والتجسيم، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

التأويل: التأويل هو: صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنى آخر (٣).


(١) سورة الشورى، آية: ١١.
(٢) المفهم (٦/ ٦٩٠، ٦٩١) بتصرف.
(٣) انظر: تعريفات التأويل في: موقف المتكلمين من نصوص الكتاب والسنة، لسليمان الغصن (١/ ٤٩٧).

<<  <   >  >>