للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما سلكه الأشاعرة تبعًا لمن قبلهم من الجهمية والمعتزلة هو من التأويل الفاسد المذموم الذي ليس عليه دليل من كتاب أو سنة؛ لأن هؤلاء اتخذوا من التأويل الفاسد متكأً لتبرير الأصول التي أصَّلوها واعتقدوها واخترعوا لأجل ذلك قوانين عقلية، وأصولًا كلامية، جعلوها الحكم في فهم الدين، والفيصل في معرفة الحق من الباطل، فمتى ظهرت مسألة رجعوا إلى معقولاتهم، وخواطرهم، وآرائهم، فطلبوا الدين من قبلها، فإذا سمعوا شيئًا من الكتاب والسنة عرضوه على معيارهم، فإن استقام قبلوه، وإلَّا حرَّفوه بالتأويلات البعيدة، والمعاني المستكرهة، فحادوا عن الحق وزاغوا عنه" (١).

قال ابن القيم: "والتأويل الذي يخالف ما دلَّت عليه النصوص وما جاءت به السنة هو التأويل الفاسد" (٢).

والتأويل يطلق مشتركًا بين ثلاثة معان:

الأول: أنه الحقيقة التي يؤول إليها الأمر وهذا هو معناه في القرآن.

الثاني: يُراد به التفسير والبيان.

الثالث: معناه المتعارف في اصطلاح الأصوليين وهو صرف اللفظ عن ظاهره المتبادر منه إلى محتمل مرجوح بدليل يدل على ذلك" (٣).

وذكر ابن القيم أن هذا الأخير هو قول المعتزلة والجهمية وغيرهم من المتكلمين حيثما قال: "وهذا التأويل هو الذي صنف في تسويغه وإبطاله من الجانبين، فمن صنف في إبطال التأويل على رأي المتكلمين:


(١) الحجة في بيان المحجة للأصفهاني (٢/ ٢٣٨).
(٢) الصواعق المرسلة (١/ ١٨٧).
(٣) انظر: الأسماء والصفات نقلًا وعقلًا للشنقيطي (٨٢، ٨٤).

<<  <   >  >>