للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بها لعدم ورود النص التوقيفي بذلك، وهنا يفترق مذهب التفويض عن مذهب التأويل الذي يجوز الاجتهاد في تعيين معان مجازية للصفات السمعية (١).

والقرطبي مع اعتقاده أن التفويض هو مذهب السلف إلَّا أنه قال به حيث اضطر إليه في بعض النصوص التي لم يجد له تأويلًا سائغًا، أو يرى بُعد التأويلات التي يوردها وأنها غير مقنعة فيلجأ إلى التفويض وهذا في مواضع كثيرة جدًّا في "المفهم"، منها قوله بعد ذكره لعدة تأويلات: "ويحتمل تأويلًا آخر، والله بمراده أعلم والتسليم للمتشابهات أسلم، وهي طريقة السلف وأهل الاقتداء من الخلف" (٢).

وقال بعد تأويله لاستواء الله تعالى على عرشه: "له محامل واضحة، وتأويلات صحيحة، غير أن الشرع لم يعين لنا محملًا من تلك المحامل فيتوقف في التعيين، ويسلك مسلك السلف الصالح في التسليم" (٣).

وقال في موضع آخر: "مذهب السلف ترك التعرض لتأويلاتها مع قطعهم باستحالة ظواهرها، ومذهب غيرهم إبداء تأويلاتها وحملها على ما يصح حمله في اللسان عليها، من غير قطع متعين محمل منها" (٤).

وقال أيضًا: "قد قلنا التسليم هو الطريق المستقيم (٥). والتسليم


(١) انظر: مذهب التفويض في نصوص الصفات لأحمد القاضي ص (١٥٢، ١٧٠).
(٢) المفهم (٦/ ٦٦٦).
(٣) المفهم (٦/ ٦٧٠).
(٤) المفهم (٦/ ٦٩٧).
(٥) المفهم (٧/ ٧).

<<  <   >  >>