للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي عليه السلف أسلم" (١).

والسلامة التي يمكن إثباتها في مذهب أهل التفويض هي السلامة من التحريف الذي يقوله المتكلمون على الله بغير علم بصرف معاني النصوص إلى استعمالات مجازية، ولا ريب أن هذا لون من السلامة، لكن قابله الوقوع في هلكة التجهيل بتفريغ تلك النصوص من أي معنى يفهمه السامع (٢). وكذلك التعطيل لما ثبت لله تعالى من حقائق تلك الصفات.

ثم مع اعتقاد القرطبي بأن التفويض هو مذهب السلف، وبيانه أن سلوكه أسلم، فلم يلتزم به طلبًا للسلامة - كما زعم - إنما جعله مخرجًا عند عدم وجود وجه للتأويل.

ونسبة التفويض للسلف واشتهار هذا القول عند الأشاعرة (٣)، حتى أصبح عندهم من المسلمات التي لا تقبل الجدل، هو من الكذب على السلف، إذ مذهب السلف واضح في الإيمان بنصوص الصفات، وإجرائها على ظاهرها من غير تكييف وجعل هؤلاء عبارات السلف التي تدعو إلى إمرار النصوص هي الدليل على نسبة هذا القول إليهم، كما قال القرطبي: "قد أكثر الناس في تأويل هذا الحديث وأبعدوا ... والأشبه ما ذكرناه أو التوقف كما قال السلف "اقرؤوها كما جاءت" يعنون المشكلات" (٤).


(١) المفهم (١/ ٤١٩).
(٢) مذهب أهل التفويض للقاضي ص (٤٤٤).
(٣) انظر: الملل والنحل (١/ ١٠٤).
(٤) المفهم (١/ ٤١١).

<<  <   >  >>