للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسلف- رحمهم الله - أرادوا إمرارها دون تكييف لا كما يفهم هؤلاء. قال ابن تيمية: "هؤلاء المبتدعة الذين فضلوا طريقة الخلف على طريقة السلف من حيثما ظنوا أن طريقة السلف هي مجرد الإيمان بألفاظ القرآن والحديث من غير فقه، ولا فهم لمراد الله ورسوله منها، واعتقدوا أنهم بمنزلة الأميين، الذين قال الله فيهم: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ} (١) وأن طريقة المتأخرين منهم هي استخراج معاني النصوص وصرفها عن حقائقها بأنواع المجازات وغرائب اللغات ومستنكر التأويلات ... فجمعوا بين الجهل بطريقة السلف، والكذب عليهم" (٢).

قال الأصبهاني: "السنة هي: اتباع الأثر والحديث، والسلامة التسليم والإيمان بصفات الله عز وجل من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تعطيل ولا تأويل، بجميع ما ورد من الأحاديث في الصفات - ثم ذكر أمثلة من الآيات والأحاديث - ثم قال: كل ذلك بلا كيف ولا تأويل، نؤمن بها إيمان أهل السلامة والتسليم، ولا نتفكر في كيفيتها، وساحة التسليم لأهل السنة والسلامة واسعة بحمد الله ومنِّه، وطلب السلامة في معرفة صفات الله عز وجل أوجب وأولى وأقمن وأحرى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (٣) فليس كمثله شيء: ينفي كل تشبيه وتمثيل. وهو السميع البصير: ينفي كل تعطيل وتأويل، فهذا مذهب أهل السنة والجماعة والأثر، فمن فارق مذهبهم فارق السنة ومن اقتدى بهم وافق


(١) سورة البقرة، آية: ٧٨
(٢) الصواعق المرسلة لابن القيم (١/ ١٦٢).
(٣) سورة الشورى، آية: ١١.

<<  <   >  >>