للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقولهم هذا لأنهم لم يفهموا من نصوص الصفات إلَّا ما هو من صفات المخلوقين ونعوت المحدثين فجعلوا للظاهر المتبادر إلى الذهن معنى باطلًا فوقعوا في التشبيه والتعطيل. ولذا قال ناظمهم:

وكل نص أوهم التشبيها ... أوله أوفوض ورم تنزيها (١)

قال الشيخ الشنقيطي: "والحق الذي لا يشك فيه أدنى عاقل أن كل ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم - فالظاهر المتبادر منه السابق إلى فهم من في قلبه شيء من الإيمان، هو التنزيه التام عن مشابهة شيء من صفات الحوادث. وهل ينكر عاقل أن السابق إلى الفهم المتبادر لكل عاقل هو منافاة الخالق للمخلوق في ذاته وجميع صفاته؟ لا والله لا يُنكرُ ذلك إلَّا مكابرة، والجاهل المفتري الذي يزعم أن ظاهر آيات الصفات لا يليق بالله لأنه كفر وتشبيه إنما جر إليه ذلك تنجيس قلبه بقذر التشبيه بين الخالق والمخلوق فأداه شؤم التشبيه إلى نفي صفات الله عز وجل، وعدم الإيمان بها مع أنه جل وعلا هو الذي وصف نفسه بها فكان هذا الجاهل مشبهًا أولًا ثم معطلًا ثانيًا" (٢).

لأن مجرد الاتفاق في المسميات لا يقتضي التشبيه إنما التشبيه عند السلف أن يقال: يد كيد أو وجه كوجه ونحو ذلك.

قال إسحاق بن راهوية (٣): "إنما التشبيه إذا قال: يد كيد أو مثل يد


(١) جوهرة التوحيد مع شرحها عون المريد (١/ ٤٤٢).
(٢) أضواء البيان (٢/ ٣٠).
(٣) هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد المروزي المعروف بابن راهوية ثقة حافظ مجتهد أثنى عليه الإمام أحمد فقال: إسحاق لم يلق مثله توفي سنة (٢٣٨ هـ). تهذيب التهذيب (١/ ١١٢)، طبقات الحفاظ ص (٢١٠) ترجمة (٤١٨).

<<  <   >  >>