للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو تعمل" (١) لكن النزاع في شيئين: أحدهما: أن الكلام على الإطلاق من غير إضافة إلى نفس أو قلب أو نحو ذلك هل هو اسم لمجرد المعنى أو لمجرد الحروف أو لمجموع المعاني والحروف؟ والذي عليه السلف والفقهاء والجمهور أنه يتناول اللفظ والمعنى جميعًا، وقيل: بل مسماه هو اللفظ، والمعنى ليس جزءًا من مسماه، بل هو مدلول مسماه، وهذا قول كثير من المعتزلة وغيرهم وطائفة من المنتسبين للسنة وقيل: بل مسماه هو المعنى وإطلاق الكلام عليه مجازٌ؛ لأنه دالٌ عليه، وهذا قول ابن كلاب ومن تبعه" (٢).

وقال أيضًا: "إذا قيد القول بالنفس كانت دلالة المقيد خلاف دلالة المطلق، والدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله تجاوز لأمتي عمَّا حدَّثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل" (٣).

وهذا ردٌّ عليهم مطلقًا لأنه قال: "ما لم تتكلم" فدل على أن حديث النفس ليس هو الكلام المطلق (٤).

أما قول العربي: "كان في نفسي كلام" ونحو ذلك، فلا يُخالفُ في صحته لكن ليس على مراد الأشعرية، إنما على مراد أهل السنة من كون لفظ "الكلام" إذا جاء مقيَّدًا كان التقييد قرينة دالة على إخراجه من إطلاقه حيث قد تُراد به المعاني أو الألفاظ بالقرائن، فلما قيَّده العربي ههُنَا


(١) رواه البخاري في كتاب الأيمان والنذور باب إذا حنث ناسيًا في الأيمان ح (٦٦٦٤) (١١/ ٥٥٧) ومسلم في كتاب الإيمان باب تجاوز الله عن حديث النفس ح (١٢٧) (٢/ ٥٠٦).
(٢) انظر: الفتاوى (٧/ ١٣٤ - ١٣٦).
(٣) سبق تخريجه ص (٤٨١).
(٤) انظر: الفتاوى (٧/ ١٣٣).

<<  <   >  >>