للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالنفس أخرجه من مطلق الكلام فكيف تحتج الأشاعرة بما هو مجاز على قواعدهم لتقرير ما هو الحقيقة؟ وذلك أنهم يقولون: ما تصرفه القرائن عن حقيقته إنما هو مجاز (١).

فأهل السنة يرون أن إثبات الكلام النفسي هو إضافة نقص إلى الله تعالى إذ أن الأخرس له خواطر يريد أن يتكلم بها، ولكنه مع ذلك لا يستطيع، فالله سبحانه وتعالى منزَّه عن مثل هذا العجز، الذي يعتبر نقصًا في المخلوق، والله تبارك وتعالى منزه عن كل نقض، بل أولى بالتنزه عن ذلك النقص من المخلوق، فهو سبحانه متصف بصفات الكمال، ومتكلم بمشيئته وقدرته وإرادته متى شاء وكيف شاء" (٢).

ثم نعلم جميعًا أن المتكلم بالألفاظ والمعاني أكمل ممن يقوم المعنى في نفسه، وهو لا يقدر على التعبير عنه وهذا إن وجد في المخلوق الضعيف كان نقصًا بيِّنًا فكيف تصفون الله بأن كلامه هو المعنى الذي يكون في نفسه، وأن الله عز وجل يفهمه من شاء من خلقه، كما أفهمه جبريل، وجبريل يكون - على قولكم هذا - أكمل من الله؛ لأنه فهم المعنى، وأمكنه التعبير عنه، تعالى الله عن قولكم علوًّا كبيرًا، بل أي فرق بين الله وبين الآلهة التي لا ترجع إلى عابديها قولًا؟ " (٣).

"فالذين قالوا بهذا القول لم يتصوروا ماهيته وعجزوا عن بيانه بتعريف منضبط" (٤)

قال شيخ الإسلام: "الكلام النفساني الذي أثبتُّموه لم تثبتوا ما هو؟


(١) العقيدة السلفية في كلام رب البرية لعبد الله بن يوسف الجديع ص (٣٥١، ٣٥٢).
(٢) البيهقي وموقفه من الإلهيات للدكتور أحمد عطية الزهراني ص (٢٠٠).
(٣) العقيدة السلفية في كلام رب البرية، للجديع ص (٣٦٧، ٣٦٨) بتصرف.
(٤) المرجع السابق ص (٣٦٧).

<<  <   >  >>