للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالآية على ما سبق ذكره.

فيقال: "موسى عليه السلام وحده هو الذي سمع كلام الله تعالى بحرف وصوت، والخطأ في عدم التفريق بين كلام الله تعالى وبين الأصوات المسموعة من القراء كما هو فهم الأشاعرة حيث حسبوا أهل السنة بإثباتهم لكلام الله تعالى بصوت يقولون: إن أصوات التالين هي صفة كلام الله وأهل السنة يقولون: أن أصوات القراء بالقرآن من أفعالهم وهي مضافة إليهم، وأفعالهم مخلوقة فأصوات القراء ليست صفة لكلام الله. ولكن الصوت الذي هو صفة لكلام الله تعالى هو الذي سمعه موسى عليه السلام حين ناداه ربه وكلَّمه وسمعه جبريل - عليه السلام - حين يوحي إليه بالوحي ويسمعه العباد يوم القيامة" (١).

قال شيخ الإسلام: "كثير من الخائضين في هذه المسألة لا يفرق بين صوت العبد وصوت الرب، بل يجعل هذا هو هذا، فينفيهما جميعًا أو يثبتهما جميعًا، والله تكلم بالقرآن بحروفه ومعانيه بصوت نفسه، ونادى موسى بصوت نفسه، كما ثبت بالكتاب والسنة، وإجماع السلف، وصوت العبد ليس هو صوت الرب، فالعباد يقرؤونه بأصوات أنفسهم، وأفعالهم، فالصوت المسموع من العبد صوت القارئ، والكلام كلام البارئ. وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "زيِّنوا القرآن بأصواتكم" (٢) فبين أن الصوت صوت القارئ والكلام كلام البارئ كما قال تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} (٣) وهو سبحانه نادى


(١) انظر: العقيدة السلفية ص (٣٨٢، ٣٨٣).
(٢) رواه أبو داود في أبواب الوتر، باب كيف يستحب الترتيل في القرآن، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير ص (٦٦٩) برقم (٣٥٨٠).
(٣) سورة التوبة، آية: ٦.

<<  <   >  >>