للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصوت، ليس منه شيء كلامًا لغيره لا جبريل ولا غيره" (١).

فقول الأشاعرة هذا ليس عليه دليل سوى زعمهم أن إثبات الصفة يقتضي تشبيه الله تعالى بخلقه؛ لأن الحرف والصوت من صفات كلام المخلوقين.

وأهل السنة يثبتون هذه الصفة لله تعالى من غير تشبيه له بخلقه، ويبطلون زعم الأشاعرة أن إثبات الصوت يلزم منه إثبات المخارج وغير ذلك من اللوازم الباطلة التي نطقوا بها.

وقد ردَّ عليهم الإمام أحمد في هذه المسألة فقال: "أما قولهم: إن الكلام لا يكون إلَّا من جوف وفم وشفتين ولسان، أليس الله قال للسموات والأرض: {ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (١١)} (٢) وقال: {وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ} (٣) أتراها سبحت بجوف وفم ولسان وشفتين؟ والجوارح إذا شهدت على الكافر فقالوا: {لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ} (٤) أتراها أنها نطقت بجوف وفم ولسان، ولكن الله أنطقها كيف شاء من غير أن يقول بجوف ولا فم ولا شفتين ولا لسان" (٥).

فهذه النصوص تدل على أن المتكلم ليس من شرطه أن يكون ذا مخارج فبطل ما زعموا.

أما قول القرطبي لو كان سمع موسى كلام الله تعالى بحرف وصوت لم تكن له خصوصية إذ قد سمعه بحرف وصوت جميع الناس ثم استدل


(١) المرجع السابق (١٢/ ٥٨٤).
(٢) سورة فصلت، آية: ١١.
(٣) سورة الأنبياء، آية: ٧٩.
(٤) سورة فصلت، آية: ٢١.
(٥) الرد على الجهمية والزنادقة للإمام أحمد ص (٣٥).

<<  <   >  >>