للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأفهام عن معرفته فلا يقبله أو يفهمه كل عقل بل هو مقصور على العلماء دون أكثر الخلق. وهذا كقول المتكلمين في مسألة أول واجب على المكلف، إذ معنى قوله هذا أن عامة الخلق على ضلال في اعتقادهم بالله تعالى، وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أقرهم على هذا الضلال - حاشاه - صلى الله عليه وسلم - من ذلك -.

وأمَّا قوله: إن إثبات هذا يقتضي مشابهة المخلوقات، وأن الله تعالى لو كان قابلًا للمكان لكان مختصًا به ويحتاج إلى مخصص وأيضًا يقتضي وصف الله تعالى بالحوادث، وما لا يخلو من الحوادث فهو حادث، وغيرها من قواعد المتكلمين، فقد سبق الإجابة عليها بالتفصيل، فلتراجع.

وأما قوله: "إن هذا من باب التوسع والمجاز" فهو باطل؛ إذ المجاز عندهم هو قسيم الحقيقة أي: بمعنى الشيء المقابل للحقيقة، والقول بالمجاز قول محدث، قد حدث بعد القرون المفضلة، وكان منشؤه من جهة المعتزلة، كما نص على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم.

وقد سبق الرد عليهم في قولهم بالمجاز. فجعل هذا من المجاز تأويل منافٍ لسياق الكلام والأدلة كثيرة وصريحة على علو الله تعالى وفوقيته.

وأما تأويل هذا على أن المراد به علو الرتبة المعنوية (١)، فلا يسلم له؛ لأن أهل السنة والجماعة يثبتون لله تعالى العلو بأقسامه الثلاثة: علو الشأن، وعلو القهر، وعلو الفوقية (علو الذات)، فيعتقدون أن الله تعالى في السماء فوق جميع المخلوقات، مستوٍ على عرشه، بائن من خلقه،


(١) وانظر أيضًا: المفهم (١/ ٤٠٥).

<<  <   >  >>