للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عالٍ عليهم غير مختلط بهم.

وألفاظ العلو لم تستعمل في القرآن عند الإطلاق، إلَّا في معنى علو الذات، وهذا المعنى مستلزم لمعاني العلو الأخرى" (١).

وقد بسط العلماء - رحمهم الله - أدلة العلو في كتبهم فقد نقل شيخ الإسلام عن بعض أكابر الإمام الشافعي أنه قال: "في القرآن ألف دليل أو أزيد تدل على أن الله تعالى عالٍ على الخلق، وأنه فوق عباده، وقال غيره: فيه ثلاثمائة دليل تدل على ذلك" (٢).

وقد ذكر ابن القيم في "الصواعق المرسلة" ثلاثين دليلًا من أدلة العقل والفطرة على علو الله تعالى (٣).

قال الإمام الدارمي: "فالله تبارك وتعالى فوق عرشه فوق سمواته، بائن من خلقه، فمن لم يعرفه بذلك لم يعرف إلهه الذي يعبد، وعلمه من فوق العرش بأقصى خلقه وأدناهم واحد، لا يبعد عنه شيء .. والآثار في ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثيرة، والحجج متظاهرة والحمد لله على ذلك" (٤).

وقال ابن قدامة: "فإن الله تعالى وصف نفسه بالعلو في السماء، ووصفه بذلك رسوله - صلى الله عليه وسلم - خاتم الأنبياء، وأجمع على ذلك جميع العلماء من الصحابة الأتقياء والأئمة الفقهاء، وتواترت الأخبار بذلك على وجه حصل به اليقين وجمع الله تعالى عليه قلوب المسلمين، وجعله مغروزًا في طباع الخلق أجمعين، فتراهم عند نزول الكرب بهم يلحظون السماء بأعينهم، ويرفعون نحوها للدعاء أيديهم، وينظرون مجيء الفرج من


(١) انظر: الفتاوى لابن تيمية (١٦/ ٣٥٩).
(٢) الفتاوى لابن تيمية (٥/ ١٢١).
(٣) الصواعق المرسلة لابن القيم (٤/ ١٢٧٩ - ١٣٤٠).
(٤) الرد على الجهمية للدارمي ص (٤٧).

<<  <   >  >>