وقد أجاب عن هذا شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - بجواب مفصل اشتمل على أربعين وجهًا - وصلت إلينا في الجزء المطبوع من نقض التأسيس -. والحمد لله.
وقد ركَّز شيخ الإسلام في هذه الأوجه على بيان أن الاستدلال برفع الأيدي والأبصار إلى السماء عند الدعاء إنما هو حجة أهل الإثبات من السلف والخلف، وإن من هؤلاء الأشعري، وأئمة أصحابه، وقد نقل شيخ الإسلام كلامهم في ذلك فالمعترض إنما يعترض على شيوخه الأشاعرة، وهم باستدلالهم يردون عليه، والإشارة إلى الله في العلو باليد، والأصابع، أو العين، أو الرأس، قد تواترت به السنن عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والنهي عن رفع البصر في الصلاة؛ لأنه من باب الخشوع الذي أثنى الله على أهله، ولو كان الله ليس في الفوق، بل هو في السفل كما هو في الفوق لم يكن رفع البصر إلى السماء ينافي الخشوع بل يكون بمنزلة خفضها.
والناس على اختلاف عقائدهم وأديانهم يشيرون عند الدعاء إلى السماء؛ لأن هذا شيء يجدونه في فطرهم.
ودعوى أن السماء قبلة الدعاء كالكعبة قبلة للصلاة باطل معلوم بالاضطرار بطلانه من وجوه منها أن المسلمين مجمعون على أن قبلة الداعي هي قبلة الصلاة، ومنها أن كون السماء أو العرش قبلة لا يثبت بغير الشرع، وليس في النصوص أي دليل على ذلك، ومنها أن القبلة أمر يدخله النسخ ولذلك تحولت، القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، ولو كانت القبلة هي العرش أو السماء لجاز تغييرها وتبديلها ولجاز أن يدعو الإنسان ربه إلى سائر الجهات، وهذا فضلًا عن أنه باطل فإن العباد