للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك ... لكن لما انتشرت الجهمية في المائة الثالثة جعل طائفة الضمير فيه عائدًا إلى غير الله تعالى، حتى نقل ذلك عن طائفة من العلماء المعروفين بالعلم والسنة كأبي ثور (١)، وابن خزيمة، وأبي الشيخ الأصبهاني (٢)، وغيرهم، ولذلك أنكر عليهم أئمة الدين وغيرهم من علماء السنة" (٣).

وقد أنكر القرطبي والمازري وصف الله تعالى بالصورة، وذكرا تأويلات عديدة لهذه الأحاديث، وأطال المازري جدًّا عند حديثه عن هذه المسألة على غير عادته.

قال القرطبي عند شرحه لحديث: "يأتيهم الله في صورته": "أما الصورة الثانية التي يعرفون عندما يتجلى لهم الحق، فهي صفته تعالى التي لا يشاركه فيها شيء من الموجودات، ولا يشبهه شيء من المصورات ... ولا يستبعد إطلاق الصورة بمعنى الصفة، فمن المتداول أن يقال: صورة هذا الأمر كذا، أي: صفته" (٤).

وعند شرحه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإن الله خلق آدم على صورته" قال: "أي على صورة وجه المضروب ... وهذا هو ظاهر الحديث، ولا يكون في


(١) إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي البغدادي إمام حافظ فقيه من أصحاب الشافعي مفتي العراق في زمنه كان من العلماء الورعين والأئمة المجتهدين توفي سنة (٢٤٠ هـ) سير أعلام النبلاء (١٢/ ٧٢). طبقات الحفاظ ص (٢٤٧) ترجمة (٥٠٦).
(٢) عبد الله بن محمد بن جعفر الأصبهاني المعروف بأبي الشيخ له العديد من المصنفات منها كتاب "العظمة" وغيره توفي سنة (٣٦٩ هـ). سير أعلام النبلاء (١٦/ ٢٧٦)، معجم المؤلفين (٢/ ٢٧٧).
(٣) شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري للغنيمان (١، ٥٣٨/ ٥٣٩) وقد نقله من كتاب "نقض أساس التقديس" لابن تيمية (٣/ ٢٠٢) فما بعدها.
(٤) المفهم (١/ ٤١٨).

<<  <   >  >>