للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالموصوف بها المضافة إليه، فصورة الله كوجه الله، ويد الله وعلم الله، ويمتنع أن تقوم بغيره، كما أنه لابد أن يكون في العين المضافة إلى الله تعالى معنى يختص بها تستحق به الإضافة، وأما الصور المخلوقة، فهي مشاركة لجميع الصور في كون الله خلقها من جميع الوجوه، فما الموجب لتخصيصها بالإضافة إلى الله تعالى؟ وأيضًا فسائر الأعضاء مشاركة للصورة التي هي الوجه في كون الله تعالى خلق ذلك جميعه فينبغي أن يضاف سائر الأعضاء إلى الله بهذا الاعتبار" (١).

وبهذا يعرف أن الحق هو ما عليه جماهير أهل السنة والجماعة في إئبات وصف الله تعالى بالصورة كما جاء في هذه الأحاديث. ويتبين بطلان قول من وصف من أثبت الصورة بالتجسيم، والحكم عليهم بالكفر لأجل هذا الاعتقاد الذي وافقوا فيه النصوص. وهذا موقف المؤولة والنفاة من أهل السنة والجماعة المثبتين للصفات، ولو تصوروا أن هذا الوصف الذي ألصقوه والحكم الذي أطلقوه يشمل: الصحابة والتابعين وسلف الأمة من عباد الله الصالحين الذين كانوا على هذا الاعتقاد لخاف على نفسه ورجع عن قوله.

قال ابن قتيبة - رحمه الله -: "لذي عندي والله أعلم أن الصورة ليست بأعجب من اليدين والأصابع والعين، وإنما وقع الألف لتلك لمجيئها في القرآن، ووقعت الوحشة من هذه لأنها لم تأت في القرآن، ونحن نؤمن بالجميع، ولا نقول في شيء منه بكيفية ولا حد" (٢).

وهذا هو الحق والصواب الذي عليه الأدلة واضحة من الكتاب والسنة.


(١) شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري للغنيمان (١/ ٥٦٣، ٥٦٦) بتصرف وقد نقله من كتاب "نقض أساس التقديس" لابن تيمية ص (٣/ ٢٧٣، ٢٨٥).
(٢) تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ص (٢٢٠).

<<  <   >  >>