للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

موجود من الموجودات إلَّا وله صورة في الخارج. أما الصفة فهي: مصدر وصفت الشيء أصفه وصفًا ثم يسمون المفعول باسم المصدر صفة. فتفسير الصورة بمجرد الصفة التي تقوم بالأعيان كالعلم والقدرة فاسد؛ لأن قول القائل: صورة فلان لا يقصد مجرد الصفات القائمة به من العلم والقدرة وغيرها، بل هذا من الجناية على اللغة وأهلها. وإذا دلَّ لفظ الصورة على صفة قائمة بالموصوف أو بالذهن واللسان فلابد مع ذلك أن يدل على الصورة الخارجية، كما يمكن أن يقال لمن يقول بهذا: المشاركة في بعض الصفات واللوازم البعيدة إما أن يصحح قول القائل: إن الله خلق آدم على صورة الله، أو لا يصحح ذلك، فإن لم يصحح ذلك بطل قولك. وإن كانت تلك المشاركة تصحح هذا الإطلاق جاز أن يقال: إن الله خلق كل ملك من الملائكة على صورته، بل خلق كل حي على صورته، إذ ما من شيء من الأشياء إلَّا وهو يشاركه في بعض اللوازم البعيدة، كالوجود والقيام بالنفس وحمل الصفات، فعلى هذا يصح أن يقال في كل جسم وجوهر: إن الله خلقه على صورته، فبطل هذا التأويل على التقديرين (١).

وأما القول بأن هذا من إضافة التشريف كناقة الله، وبيت الله، فقد رد شيخ الإسلام هذا القول فقال: "إضافة المخلوق جاءت في الأعيان القائمة بنفسها، كالناقة والبيت، فأما الصفات القائمة بغيرها مثل العلم والقدرة والكلام والمشيئة إذا أضيفت كانت إضافة صفة إلى موصوف، فالأعيان القائمة بنفسها قد علم المخاطبون أنها لا تكون قائمة بذات الله تعالى فيعلمون أنها ليست إضافة صفة، وعلى هذا فالصورة قائمة


(١) شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري للغنيمان (١/ ٥١٠، ٥٣١، ٥٥٣، ٥٥٧، بتصرف وقد نقله من كتاب "نقض أساس التقديس" لابن تيمية (٣/ ٢٠٢). فما بعدها.

<<  <   >  >>